قد يفهم بعضهم أنّ مطلق المعارضة مع السلطة الشرعيّة هو نوعٌ من البغي الذي قد يوجب ترتيب الأحكام الخاصّة بجهاد البغاة في الشريعة الإسلاميّة، وقد رأينا أنّ بعض الناس في العصر الحاضر حاول قول ذلك في بعض المناسبات.
لكنّ الذي توصّلتُ إليه في البحث الفقهي، هو أنّ الخلاف مع السلطة الشرعيّة، حتى لو وصل لحدّ المعارضة لها ولسياساتها العامّة، ما دام غير تمرّدي ولا يعتمد العنف المسلّح والصراع الدمويّ، فهو لا يصنَّف ضمن البغي، ولا يخضع لأحكام أهل البغي المنصوصة في الشريعة الإسلاميّة، حتى لو اعتبرنا الجماعةَ المعارضة مخطئة وعاصية مثلاً، فإنّ هذا لا يوجب تطبيق مفهوم الجهاد معها أو إطلاق عنوان البغاة عليهم بما يحمله من دلالةٍ شرعيّة وحمولة خاصّة، بل الأمر يخضع لمعايير أخرى مختلفة تماماً.
وقد تعرّضتُ لهذا الموضوع ومنطلقاته وأدلّته ومناقشاته في دراستي حول فقه أهل البغي، والمنشورة في كتابي (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 2: 393 ـ 451، الطبعة الأولى، 2011م)، فراجع حتى لا نطيل.
حيدر حبّ الله
السبت 26 ـ 2 ـ 2022م