ذهب العديد من الفقهاء إلى حرمة مسّ المحدِث بالحدث الأكبر، كالجنب والحائض والنفساء وأمثالهم، كتابة القرآن الكريم، وكذلك اسم الجلالة وأسماء الله تعالى وصفاته، وأسماء الأنبياء والأئمّة والسيّدة الزهراء وغيرهم، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. وقد تنوّعت كلمات الفقهاء هنا بين الفتوى والاحتياط الوجوبي. ووقعت بعض الخلافات بينهم في الرأي هنا سواء بين المتقدّمين أم المتأخّرين، مما لا نطيل فيه، ويمكن فهم بعض جوانبه مما أسلفناه عند الحديث عن مسّ المحدِث بالحدَث الأصغر لهذه الأمور.
والذي توصّلتُ إليه ـ والعلم عند الله ـ هو عدم حرمة مسّ المحدِث بالحدَث الأكبر مطلقاً، لكتابة القرآن الكريم، سواء في المصحف أم خارجه، وكذلك عدم حرمة مسّه لاسم الجلالة وأسماء الله سبحانه وصفاته، وكذا أسماء الأنبياء والأوصياء والأولياء وأمثالهم، ما لم يلزم من ذلك ـ بحسب النظر العرفي ـ الهتك أو الإهانة، فيحرم للإهانة والهتك لا بعنوانه. وإن كان الاحتياط حسناً وراجحاً في تجنّب مسّ كتابة المصحف بالخصوص.
وقد استدلّوا تارةً بعين الأدلّة التي سبق أن أشرنا لبعضها في موضوع مسّ المحدِث بالحدث الأصغر للقرآن وأسماء الله والأنبياء والأوصياء وأمثالهم، تارةً بشمولها بالإطلاق لما نحن فيه وأخرى بالأولويّة، ولكنّنا لم نوافق هناك على وجود دليلٍ مقنع على التحريم أصلاً حتّى يُؤخذ به هنا بالإطلاق، فضلاً عن الأولويّة، وأخرى استدلّوا ببعض الروايات القليلة جداً الضعيفة إسناداً أو دلالةً باعتراف الكثير منهم، وثالثة بما ورد في النهي عن أن يمسّ الجنب والحائض الدراهم المكتوب عليها أسماء الله وأمثال ذلك، وهو غير تامّ؛ وبخاصّة مع معارضته بجملة من الأحاديث، ومنها الصحيح سنداً والدالّة على الجواز، بل بعضها دالٌّ على مسّ الإمام× نفسه، وهو جنب، لهذه الدراهم والدنانير بتصريحه هو. وجمعُ بعض الفقهاء هنا، وبخاصّة جمع مثل الحرّ العاملي والسيد الخوئي، غير مقنع، فراجع، فالمجال لا يسع للتفصيل.
إلى غير ذلك من الوجوه التي قالوها، مما هو خاضع كذلك للمناقشة، وبخاصّة على مسلكنا في حجيّة الخبر الاطمئناني وتطبيق قواعد الفهم الانضمامي للنصوص، فلا نطيل، فراجع ما أسلفناه في مسّ المحدِث بالحدث الأصغر.
حيدر حبّ الله
السبت 8 ـ 1 ـ 2022م