المنسوب للشافعيّة وغيرهم القول بحجيّة الحديث المرسَل الذي يُرسله بعض التابعين مثل سعيد بن المسيّب، والحسن البصري. ويُنسب لبعض الأحناف الاحتجاج بكلّ المراسيل التي تقع داخل القرون الثلاثة الأولى المفضّلة، وثمّة من يتحدّث عن حجيّة مراسيل كلّ الصحابة والتابعين الناقلين في العادة عن الصحابة. وقد أشار غير واحد من علماء الدراية والحديث وعلماء أصول الفقه السنّي والشيعي لهذه الآراء. ويترتب على هذه الآراء تصحيحُ عددٍ غير قليل من الروايات.
والذي توصّلتُ إليه أنّه لم يقم دليل مقنع على تصحيح مراسيل الصحابة والتابعين، وما ذكروه من وجوه وأدلّة ـ وبخاصّة في سعيد بن المسيب ـ لا يبلغ حدّ الاعتبار، بل بعض الأدلّة يعتمد التسامح في التعامل مع المراسيل. بل حتى لو قلنا بعدالة جميع الصحابة وصلاح حالهم فإنّ هذا لا يعني حجيّة كلّ رواية، كما بحثناه في محلّه؛ إذ العدالة لا تستبطن الضبط وإتقان النقل الذي هو شرط أساس في حجيّة الرواية، فلابدّ من إحرازه، ومع الإرسال يصبح الأمر مشكلاً، ما لم تقم قرينة خاصّة في هذه الرواية أو تلك.
وقد تعرّضتُ لمراسيل الصحابة والتابعين في كتابي (الحديث الشريف، حدود المرجعيّة ودوائر الاحتجاج 1: 404 ـ 406، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
السبت 11 ـ 6 ـ 2022م