كُتب الأدعية والزيارات عديدة، ومن بينها كتاب المزار، لمؤلّفه الشيخ محمّد بن جعفر بن عليّ بن جعفر المشهدي، وهذا الكتاب فيه العديد من الروايات المسندة التي ذكر رواتها. وقد ورد في مقدّمة هذا الكتاب فقرة استفيد منها توثيق جميع الرواة الواقعين في أسانيد هذا الكتاب، وقد أحصاهم بعض المعاصرين وبلغ بهم إلى 380 شخصاً، فإذا ثبت هذا التوثيق فسوف تثبت وثاقتهم جميعاً.
غير أنّ السيد الخوئي ناقش هنا بأنّ صاحب كتاب المزار نفسه مجهول لنا على مستوى هويّته تارةً، وعلى مستوى حاله من الوثاقة والضعف تارةً أخرى، ومعه لا معنى للاعتماد على شهادته بعد مجهوليّته هذه. وقد تنبّه المحدّث النوري من قبلُ إلى جانب مجهوليّة شخص المشهدي، فعقد بحثاً في هذا المجال، وتبعه فيه بعض المعاصرين. وذكروا من يحتمل أن يقصد بهذا الرجل المعروف بابن المشهدي. والظاهر أنّه يرجع للنصف الثاني من القرن السادس الهجري، وصولاً لبدايات القرن السابع، وفقاً لمتابعة روايات الكتاب وطبقاته.
كما ظهرت مشكلة ثانية هنا وهو تصحيح نسبة نسخة الكتاب الذي بين أيدينا، فكيف يمكننا التثبّت من صحّة هذه النسخة؟
والذي توصّلتُ إليه أنّه لم يثبت توثيقٌ عام لرواة هذا الكتاب، ولا تصحيحٌ عام لروايات هذا الكتاب، إمّا لعدم ثبوت وثاقة المؤلّف، أو لعدم ثبوت نسخة كتابه، أو لكونه من المتأخّرين الذين لا نعرف خبرويّتهم أصلاً في مجال الحديث والرجال، أو غير ذلك، من هنا نلاحظ أنّ أغلب روايات هذا الكتاب، ضعيف الإسناد، ويحتاج التثبّت منها إلى محاولة اكتشاف نفس الرواية في مصادر أخرى أقوى وأوثق.
ولمزيد توسّع، راجع كتابي (منطق النقد السندي 1: 575 ـ 585، الطبعة الأولى، 2020م).
حيدر حبّ الله
الأحد 5 ـ 6 ـ 2022م