ذهب العديد من الفقهاء، ومنهم السيد اليزدي ـ صاحب العروة ـ وجماعة من المعلّقين على كتابه، إلى استحباب الزواج الثاني والثالث والرابع، تماماً كما أنّ أصل الزواج مستحبّ.
وفي مقابل هذا الرأي القائل باستحباب التعدّد، يظهر من بعض العلماء:
أ ـ تارةً استحباب عدم الزيادة على الواحدة، وهو ما يُفهم من كلمات الشيخ الطوسي (460هـ)، وابن البراج (481هـ)، والطبرسي (ق 6هـ) في المؤتلف، والشيخ البهائي العاملي (1031هـ) في كتابه (جامع عباسي). بل نسب الطوسي والطبرسي لجميع الفقهاء عدا داود ـ ويظهر أنّه يقصد فقهاء أهل السنّة ـ استحباب الاقتصار على واحدة، غير أنّ مراجعة كتب أهل السنّة تعطي أنّهم أيضاً منقسمون في المسألة بين قائلٍ باستحباب الاقتصار على الواحدة ورافضٍ له.
ب ـ وأخرى كراهة الزيادة على الواحدة، وهو ما رجّحه الشيخ علي پناه الاشتهاردي (1429هـ)، في كتابه مدارك العروة.
ولعلّ مرجع هذين القولَين لفكرةٍ واحدة، لكنّ التعابير اختلفت.
ج ـ وثالثة عدم استحباب الزيادة على الواحدة، دون القول باستحباب عدم الزيادة ولا بكراهة الزيادة، ومن هؤلاء الذي قالوا بعدم ثبوت استحباب الزيادة على الواحدة بالعنوان الأوّلي السيد علي الخامنئي.
ويذهب بعضٌ إلى أنّ أوّل من صرّح باستحباب الزواج الثاني من فقهاء الشيعة هو الشيخ النجفي (1266هـ)، وقبله نصوص الفقهاء متردّدة بين نفي استحباب التعدّد أو استحباب عدم التعدّد أو مجرّد بيان إباحة التعدّد لا غير. وربما يكون في كلمات الحرّ العاملي (1104هـ) وغيره ما يفيد سبق المسألة على عصر الشيخ النجفي، بل على عصر العاملي نفسه أيضاً.
والذي توصّلتُ إليه، هو عدم ثبوت استحباب التعدّد في الزواج في نفسه وبالعنوان الأوّلي، وكذلك عدم ثبوت استحباب الاقتصار على واحدة أو كراهة التعدّد. نعم يمكن أن يكون التعدّد بالعنوان الثانوي مستحباً أو واجباً أو محرّماً أو مكروهاً، وهذا أمرٌ آخر. والأدلّة التي ذُكرت أو يمكن أن تُذكر هنا لإثبات ما عدا الإباحة، مثل الرجوع للآية الكريمة أو لنصوص تكثير النسل أو لنصوص كثرة الطروقة أو لنصوص محبّة النساء أو لسيرة الأنبياء والأئمّة أو غير ذلك، كلّها قابلة للنقاش إمّا سنداً أو دلالةً، أو سنداً ودلالةً معاً.
حيدر حبّ الله
الاثنين 8 ـ 11 ـ 2021م