يُتعارف في بعض الأوساط الدينيّة أنّه إذا اشترى إنسانٌ منزلاً أو انتقل لمنزلٍ جديد أن يعقد مجلس عزاء حسيني أو غير ذلك فيه، ربما ليكون ذلك بركةً له أو بدايةً طيّبة لحياته في هذا المنزل.
إلا أنّ ما توصّلتُ إليه ـ بعد مراجعة الأدلّة والنصوص وكلمات الفقهاء هنا ـ هو عدم ثبوت استحباب خاصّ لشيءٍ من ذلك كالتجمّع لقراءة القرآن فيه أو لمجلس عزاء أو لوليمةٍ أو لغير ذلك، وهذا يعني أنّ أيّ عمل من أعمال الخير يقوم به الإنسان عند الانتقال إلى منزل جديد، ينبغي أن ينوي استحبابه المطلق الشامل لهذه الحال، على تقدير ثبوت استحبابه كذلك، ولا يصحّ منه نيّة استحبابه الخاصّ بحالة شراء المنزل الجديد بعنوانه. ولا شكّ أنّ شراء منزل جديد والانتقال إليه أو بناء منزل جديد من موجبات شكر الله تبارك وتعالى، والتوجّه إليه بالحمد والثناء، فالإنسان المؤمن يذكر الله تعالى عند كلّ نعمةٍ جديدة تنزل به، وهذا الشكر كما يمكن أن يكون عبر اللفظ اللساني كذلك يمكن أن يكون عبر العمل، بمساعدة الآخرين وإعانتهم والتصدّق على الفقراء والمساكين وإطعامهم، بوصف ذلك تعبيراً عن الشكر لله تعالى فيما رزقه، وهذا المقدار من الأمور الواضحة في الشريعة الإسلاميّة. لكنّ هذا لا يُثبت استحباباً خاصّاً لعمل معيّن من هذا النوع أو ذاك بعنوانه عند الانتقال لمنزلٍ جديد أو نحو ذلك، كما صار واضحاً.
ولم أعثر على شيءٍ بخصوصه يتصل بأعمال خاصّة بشراء المنزل أو الانتقال إليه، سوى ما أشار إليه بعض الفقهاء من إقامة الوليمة، وهو ما يطلق عليه في بعض النصوص والكلمات (الوكار) و (الوكيرة) و (التوكير)، إلا أنّ إثبات الاستحباب الخاصّ هنا في هذا الموضوع (الوليمة) أيضاً مشكلٌ، إلا بناء على قاعدة التسامح في أدلّة السنن، والتي لم تثبت؛ لأنّ الروايات الواردة في هذا الأمر ـ على قلّتها ـ لم يثبت صدورها.
ولمزيد اطّلاع على بعض هذه الروايات والتعليق عليها، راجع كتاب (إضاءات 1: 461 ـ 463، الطبعة الأولى، 2013م).
حيدر حبّ الله
الجمعة 25 ـ 3 ـ 2022م