ذكر العديد من فقهاء الإماميّة ـ وهو المتعارف في الرسائل العمليّة اليوم، ولدى المعلّقين على العروة كذلك، حيث يُفرِدون لها في العادة مسألةً مستقلّة ـ أنّ الصلاة إماماً أفضل من الصلاة مأموماً، فأن يصلّي الإنسان إماماً للجماعة خير له من أن يصلّي مأموماً، بل عبّر بعضهم باستحباب اختيار الإمامة على الاقتداء بغيره، ووفقاً لهذه الفتوى فإنّ تنافس أئمّة الجماعة على التقدّم للإمامة، يمكن حمله في الجملة على الأحسن، بتصوّر أنّهم يتنافسون على ما هو الأفضل، وهو إمامة الجماعة، فلا يوجب تشاحّ الأئمّة سقوطَ عدالتهم كما قد يقال.
والذي توصّلتُ إليه ـ بنظري القاصر ـ أنّه لم يثبت أفضليّة الإمام على المأموم، بمعنى أفضليّة أن يكون الإنسان إماماً على أن يكون مأموماً، ولا استحباب اختيار الإمامة على اختيار الاقتداء، بل كلاهما (الإمامة والاقتداء) مستحبّ؛ كونهما من مصاديق المشاركة في إقامة صلاة الجماعة التي تعدّ من أعظم المستحبّات في الإسلام، حتى قال بعضٌ بوجوبها ما أمكن.
والمستند العمدة للفقهاء هنا هو رواية الحسين بن زيد عن الإمام جعفر الصادق، والتي فهموا منها أنّ للإمام أجر جميع المأمومين، لكنّ الرواية ضعيفة السند وآحادية منفردة في بابها، فلا يمكن الاعتماد عليها بعد عدم ثبوت قاعدة التسامح في أدلّة السنن. بل قد احتمل بعضهم أنّها لا تقصد تساوي الإمام وجميع المأمومين في الثواب، وإنّما تقصد تساوي الإمام والمأموم.
هذا، وبعضُ من نقد دليل هذه الفتوى في بحوثه العلميّة، وفي الوقت عينه لا يؤمن بقاعدة التسامح، ظلّت هذه الفتوى موجودة في رسالته العمليّة، ولعلّ لديه دليلاً آخر أو وجهاً آخر في ذلك التفت إليه لاحقاً.
حيدر حبّ الله
الأحد 8 ـ 5 ـ 2022م