المعروف المتداول بين الكثير من الفقهاء هو إلحاق حدث الحيض والنفاس بحدث الجنابة، فكما يبطل الصوم بتعمّد البقاء على حدث الجنابة إلى أن يطلع الفجر ـ سواء اعتبرنا البقاء من المفطرات أو الطهارة من الشروط ـ كذلك الحال في حدث الحيض والنفاس، فيلزم على المرأة الاغتسال قبل طلوع الفجر إذا حصل لها النقاء، وإلا بطل صومها.
ويظهر من بعض الفقهاء عدم الموافقة على هذا الرأي، ومن هؤلاء: السيد محمد باقر الصدر، والسيد كاظم الحائري، والسيد محمد محمد صادق الصدر. ويظهر بناء المسألة على الاحتياط عند الشيخ المنتظري في تعليقته على العروة، وكذلك عند السيد محمّد الروحاني. أمّا الشيخ محمد إسحاق الفياض فرغم قبوله بإلحاق الحائض بالجنب هنا، لكنّه اعتبر إلحاق النفساء هو الأحوط الأولى.
والذي توصّلتُ إليه ـ بنظري القاصر ـ هو أنّ هذا الحكم، لو قلنا بثبوته في الجنب، لكنّه لا يشمل الحائض والنفساء، فتعمّدهما البقاء على حدث الحيض والنفاس، بمعنى عدم الاغتسال، لا يوجب بطلان الصوم. وهكذا الحال في سائر ما يندرج ضمن الحدث الأكبر بعيداً عن الجنابة والاستحاضة.
وعُمدة استدلال الفقهاء هنا روايةٌ آحادية ثمّة نقاش جادّ في سندها ترتبط بالحائض، دون النفساء، وهي رواية أبي بصير، والصحيح أنها غير نقيّة سنداً. كما استدلّوا برواية ابن مهزيار الواردة في المستحاضة، بدعوى أنّ الحائض والنفساء يلحقهما الحكم بالأولويّة. غير أنّ الأولويّة هنا غير مفهومة، فإنّ المستحاضة يتواصل الحدث معها في النهار، بخلاف الحائض التي فُرض انقطاع الدم قبل الفجر، فكيف يمكن فهم هذه من هذه؟!
فليس في المقام سوى أخبار آحادٍ قليلة العدد جدّاً، مضافاً للشهرة، وحيث لا نقول بحجيّة خبر الواحد ولا بحجيّة الإجماع والشهرة، فلا دليل معتبراً على هذا الحكم في المقام. وقياسُ الأمر على الجنابة ذات الصلة بنحوٍ ما بالجماع الوارد الحديث عنه في القرآن الكريم والسنّة الشريفة، قياسٌ مع الفارق الواضح. بل إنّ هذه المسألة برمّتها ـ إلحاق الحيض والنفاس بالجنابة هنا ـ قلّما تعرّض لها المتقدّمون، رغم وجود رواية أبي بصير في المقام، فهم لم يشيروا سوى للبقاء على الجنابة. ودعوى أنّ الحيض والنفاس عندهم ملحقٌ بالجنابة دوماً تحتاج لدليل، وتظلّ مجرّد احتمال. فلا يحرَز وجود شهرة حقيقيّة بين متقدّمي الفقهاء أصلاً على هذه المسألة، فانتبه.
حيدر حبّ الله
الخميس 7 ـ 4 ـ 2022م