اختلف الفقهاء المسلمون في أنّ الوقف مشروطٌ بقصد القربة أو لا؟ فذهب جماعة إلى الاشتراط، وقالوا: لا يصحّ وقفاً إلا إذا نوى القربة إلى الله تعالى فيه، فيما نفى آخرون شرط القربة لاسيما في مثل الوقف الذُرّي.
والذي توصّلتُ إليه ـ والله العالم ـ أنّ الأوقاف بمختلف أنواعها وأشكالها غير مشروطة ـ لا وضعاً ولا تكليفاً ـ بقصد القربة من الواقف عند إنشاء الوقف، فلو وقف بُستاناً على الفقراء مثلاً، صحّ، ولو لم يكن قَصَدَ القربة بذلك، بل حتى لو قصد به الرياء والسمعة، ويكون البُستان وقفاً بذلك وتترتّب عليه آثار الوقف وأحكامُه. وهذا يعني أنّ الوقف ليس من العبادات، بل يندرج في أنشطة الإنفاق المالي الخيريّ، نعم. قصدُ القربة به أولى وأفضل بالتأكيد؛ لأنّ المكلّف يحظى بالثواب نتيجة ذلك.
ولمزيد تفصيل حول الآراء والأدلّة والمناقشات هنا، يمكن مراجعة بحثي الذي حمل عنوان «الضرائب أو الفرائض الماليّة، بين العباديّة وغيرها»، والمنشور في كتابي المتواضع (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 5: 455 ـ 506، الطبعة الأولى، 2015م).
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 22 ـ 3 ـ 2022م