ذهب غير واحدٍ من الفقهاء ـ عند تعداد شروط الوصيّ، والذي هو الشخص المعيّن من قبل الموصي لتنفيذ وصاياه ـ إلى أنّه يُشترط فيه الإسلام عندما يكون الموصي مسلماً، وقد نُسب هذا القول إلى مشهور الفقهاء، ورُتّب عليه أنّه لو ارتدّ الوصيُّ بعد تعيينه وصيّاً، سقطت وصايته وبطلت.
وقد تحفّظ بعض الفقهاء المتأخّرين هنا واستشكلوا وتأمّلوا في شرط الإسلام، مثل السيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمّد باقر الصدر، والسيد محمد سعيد الحكيم. وصرّح بالاحتياط الوجوبي جماعة مثل الشيخ محمّد أمين زين الدين، والسيد علي السيستاني، والشيخ حسين علي المنتظري في حالة ما لو لم تكن الوصية توجب سلطنةً للوصي على الورثة وإلا لم تصحّ، وقريبٌ منه رأي السيد محمد محمد صادق الصدر. وصرّح جماعة بعدم اشتراط الإسلام في الوصيّ، مثل السيد محمّد صادق الروحاني، والشيخ محمّد إسحاق الفياض، والسيد محمّد حسين فضل الله (مع احتياطٍ استحبابي)، والسيد محمود الهاشمي، وغيرهم.
والذي توصّلتُ إليه هو عدم اشتراط الإسلام، ولا الانتماء المذهبي الخاصّ، في الوصيّ الذي يختاره الموصي لتنفيذ وصاياه، بلا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو غير مسلم، أو يكون على هذا المذهب أو ذاك، وبلا فرق بين أن يكون الوصيّ كافراً ذميّاً أو معاهداً أو حربيّاً أو مرتدّاً أو غير ذلك، وبلا فرق بين الوصيّة في الأموال وأمثالها أو على الورثة أو نحو ذلك، فتصحّ الوصيّة مطلقاً في جميع هذه الحالات، غايته قد يتدخّل القاضي ـ بالعنوان الثانوي عند تحقّق مبرّراته الموضوعيّة ـ لمنع الوصيّ من ممارسة شيء يضرّ بدين الموصى عليهم، لو لزم من ذلك شيء، بحيث يرجع لنوعٍ من نقض الوصيّة ضمناً.
وعمدة أدلّة الفقهاء هنا مطابقة لأدلّة قاعدة نفي السبيل، وقد بحثناها سابقاً بالتفصيل، وناقشنا في وجود قاعدة بهذا المعنى، أو بهذا العرض العريض، وفاقاً لغير واحدٍ من المتأخّرين، فلا نعيد ولا نطيل، فراجع.
حيدر حبّ الله
الأحد 3 ـ 9 ـ 2022م