تحدّث الفقه الإسلامي عن شروط لباس المصلّي فذكروا من الشروط الإباحة، بمعنى أنّه لو صلّى في لباسٍ مغصوب لم تصحّ صلاته، لكنّ الفقهاء انقسموا في الحقيقة هنا على مذاهب ثلاثة:
1 ـ فريقٌ قال باشتراط الإباحة في لباس المصلّي مطلقاً، بمعنى كائناً ما كان اللباس، وهو المنسوب إلى المشهور.
2 ـ وفريقٌ قال بعدم اشتراط الإباحة في لباس المصلّي، فتصحّ الصلاة في المغصوب مطلقاً، وإن كان آثماً في استعماله له ما دام عن علمٍ أو عن تقصير.
3 ـ وفريقٌ ثالث قال بالتفصيل بين ما يكون محقّقاً للمقدار الواجب من الستر، وما يزيد عن ذلك، ففي الأوّل يجب أن يكون الساتر مباحاً، وفي الثاني لا يجب.
وفي العصر الحديث كان المتداول هو القول الأوّل أو الثالث، لكنّ بعض العلماء ذهب للقول الثاني، وهو عدم اشتراط الإباحة مطلقاً، ومن هؤلاء: السيد محمّد باقر الصدر، والسيد محمود الهاشمي، والشيخ محمّد إسحاق الفياض، والسيد كاظم الحائري، والسيد كمال الحيدري، وغيرهم. فيما بنى بعضهم الأمر على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى، مثل السيد موسى الشبيري الزنجاني، والسيد محمّد حسين فضل الله، والشيخ حسين علي المنتظري، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيد علي السيستاني، وغيرهم.
والذي توصّلتُ إليه ـ بنظري القاصر ـ هو أنّ الإباحة ليست من شروط لباس المصلّي مطلقاً، بلا فرق بين الساتر الفعلي وغيره، وبين المقدار الواجب ستره وغيره، وبين كون الساتر يتحرّك حال حركة المصلّي وغيره. نعم يرتكب الفاعل إثماً مع علمه، لكنّ صلاته تصحّ، بلا فرقٍ بين ما لو كان عالماً أو جاهلاً أو ناسياً.
ولا فرق في هذا كلّه بين كون الغصب قد تعلّق بالعين، أو بالمنفعة، أو بحقّ الآخرين كما في المال المرهون، أو كان متعلّقاً للخمس أو الزكاة أو غيرهما. ومنه يظهر أنّ كون صبغ اللباس ولونه مغصوباً دون اللباس أو كون اللباس مخيطاً بخيطان مغصوبة لا يضرّ أيضاً بصحّة الصلاة.
والمستند العمدة للفقهاء هنا هي مباحث أصوليّة مرتبطة باجتماع الأمر والنهي وبأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه وغير ذلك مما لا يسمح المجال باستعراضه، وإلا فلا يوجد نصٌّ من الكتاب أو السنّة المعتبرة في المقام، نعم توجد روايات ضعيفة قليلة جدّاً لم تكن هي الأساس لدى الكثير منهم. والتفصيلُ في محلّه.
حيدر حبّ الله
الاثنين 19 ـ 9 ـ 2022م