• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
آراء
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
102 طهارة الخمر ومطلق المسكرات وملحقاتها 2021-12-16 2021-12-16 0 1956

طهارة الخمر ومطلق المسكرات وملحقاتها

المشهور بين فقهاء المسلمين بمذاهبهم نجاسة الخمر العنبي، وعمّمه كثيرون لمطلق المسكر المائع بالأصالة، وبخاصّة النبيذ (بالمصطلح الروائي والفقهي القديم للكلمة)، أمّا المسكر الجامد بالأصالة والذي مثّلوا له بالحشيش، فهو طاهر عندهم. ولكنّ المنسوبَ شيعيّاً إلى الشيخ الصدوق ـ وعباراته تدلّ على ذلك ـ ووالده، وكذلك إلى الجعفي وابن أبي عقيل العماني القولُ بالطهارة، كما أنّ المنسوب في فقه الجمهور القول بالطهارة لجماعة منهم: الشافعي في أحد قوليه، والليث بن سعد (175هـ)، وداود الظاهري (275هـ)، وربيعة وغيرهم.

وفي العصر الحديث، ظهرت مواقف لبعض الفقهاء. وعلى سبيل المثال، فإنّ السيد محمّد باقر الصدر خصّص النجاسة في تعليقته على المنهاج بالخمر العنبي دون مطلق المسكر. أمّا السيد الخوئي فاعتبر أنّ غير الخمر والنبيذ يحكم بنجاسته ولو كان مائعاً بناء على الاحتياط دون الفتوى، وتبعه في ذلك جماعة مثل السيد محمّد صادق الروحاني، وهو ظاهر الشيخ التبريزي في غير الخمر العنبي. ولكنّ الشيخ الوحيد الخراساني جعل غير الخمر والنبيذ مبنيّاً على الاحتياط الاستحبابي. وهكذا أفتى السيد السيستاني بنجاسة الخمر العنبي لكنّه اعتبر أنّ إلحاق كلّ مسكر مائع بالأصالة به مبنيٌ على الاحتياط الاستحبابي. أمّا الشيخ محمّد إسحاق الفياض فأفتى صريحاً بعدم نجاسة مطلق المسكرات عدا الخمر العنبي خاصّة.

غير أنّ موقفاً أكثر مخالفةً توحيه عباراتٌ أخرى، فالسيد محمّد الروحاني والشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ آصف محسني اعتبروا أنّ نجاسة الخمر العنبي نفسها وكذا كلّ مسكر مائع بالأصل مبنيّة على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى. بل السيد محمود الهاشمي يرى أنّ نجاسة الخمر العنبي مبنيّة على الاحتياط الوجوبي وأمّا سائر المسكرات مطلقاً فطاهرة عنده بلا فرق بين المائعة والجامدة بالأصل أو بالعارض. فيما أفتى السيد محمّد حسين فضل الله صريحاً بطهارة الخمر وجميع المسكرات بأنواعها مطلقاً. وكذلك الحال في السيد كاظم الحائري حيث أفتى بطهارة الخمر وجميع المسكرات عدا في مورد الأكل والشرب، فاعتبر أنّ الطعام والشراب الذي يلاقي الخمر والمسكر لا يجوز تناوله إلا بعد تطهيره.

والذي توصّلتُ إليه بعد مراجعة مختلف الأدلّة عند مختلف المذاهب، هو طهارة الخمر وجميع أنواع الأنبذة والمسكرات المائعة والجامدة بالأصل أو بالعارض، وكذا مطلق أنواع الكحول المصنّعة. وكذلك طهارة ما يمكن أن نسمّيه بملحقات الخمر، مثل الفقّاع (كالبيرة المتعارفة اليوم)، والعصائر العنبيّة وأمثالها المغليّة بالنار وغير ذلك.

والمجال لا يسع للتفصيل وإلا فالكلام كثيٌر هنا، فالنصوص القرآنيّة التي استند إليها الشيعة والسنّة لا علاقة لها بنجاسة الخمر نجاسةً عينية حسيّة بالمفهوم الفقهي، وهذا ما عاد وأقرّ به المتأخرون من الفقهاء. والإجماع غير محرز، بل الأمر خلافيٌّ سواء في الوسط السنّي أم الشيعي. والشهرة واضحة المدركيّة كالإجماع لو كان.

وأمّا الروايات فمتعارضة، فبعضها دلّ على النجاسة وبعضها الآخر دلّ على الطهارة. والغالبيّة الساحقة من روايات النجاسة في مصادر أهل السنّة، وكثير منها في مصادر الشيعة، مرتبط بالأكل والشرب من أواني الخمر وأمثالها، وهذا كما قلنا سابقاً وفصّلناه في كتاب فقه الأطعمة والأشربة ليس إلا تحفّظاً عن تناول المسكرات ولو بشكلٍ بسيط، ولا علاقة له بمفهوم النجاسة، فما قاله السيد الحائري يمكن قبوله، لكنّه لا ربط له بمفهوم النجاسة، فالمنع عن الشرب في أواني الخمر قبل تغسيلها حكمٌ تحفّظي احتياطي لازم، وهو في الوقت عينه يفعل فعل “الاعتبار الأدبي” بهدف سدّ الطرق على تورّط المسلمين في شرب الخمر وخلق حاجز عام عندهم من شربه، وليس لأجل مفهوم النجاسة. وحملُ روايات الطهارة على التقيّة، كما فعله الكثير من فقهاء الإماميّة، في غاية الغرابة بعد مراجعة المشهد التاريخي الفقهي عند مذاهب المسلمين، بل لو صحّ الحمل على التقيّة لربما كان الأولى حمل روايات النجاسة عليها دون العكس. ورواية علي بن مهزيار التي اعتبرها بعضهم بمثابة علاج للتعارض هي ـ في تقديري ـ تقع نفسها طرفاً في المعارضة؛ إذ لا تشرح لنا غير تكليف علي بن مهزيار نفسه في جواب الإمام له، وهذا غير توضيح الموقف من التعارض، فراجع. وللموضوع مجالٌ واسع للتفصيل لا يسعه هذا المختصر.

ولا بأس أن أختم هنا بقصّة لطيفة، سمعتُ أحد الفقهاء رحمه الله ينقلها، حيث قال بأنّ السيد محمّد الروحاني (1997م) كان يرى علميّاً طهارة الخمر، ولكنّه في الرسالة العمليّة احتاطَ وجوباً، فسأله أحدهم: لماذا تحتاط والنتيجة النهائيّة عندك هي الطهارة؟! فأجابه بأنّ الناس لا تميّز الأشياء عن بعضها، فلو قلنا لهم: الخمر طاهرة، ظنّوا أنّنا نقول: يجوز شرب الخمر!

والقصّة على لطافتها يمكن الجواب عنها؛ فإنّ التباس الأمر على الناس ولو كان صحيحاً في الجملة حيث يخلطون الأمور ببعضها أحياناً، وهذا لمسته شخصيّاً بالتجربة، غير أنّ الفقيه لديه من القدرة على التبيين ولو المتكرّر ما يرفع هذا الالتباس الذي قد يقع بشكل جزئيّ في بداية الأمر، فليس هذا مبرّراً في تقديري ـ لو صحّت القصّة ـ لامتناع الفقيه عن الإفتاء. وقد كان الشيخ محمّد جواد مغنيّة قد انتقد ـ على طريقته ـ السيدَ الخوئي؛ لاحتياطه هنا في بعض الموارد مخافة مخالفة المشهور في الفتوى، معلِّقاً ـ أعني الشيخ مغنيّة ـ بالقول: «ويلاحظ بأنّ الاحتياط والشهرة ليسا من الأدلّة الشرعيّة، حتى عند السيّد. ورحم الله الشهيد الثاني، حيث قال: العمل بخلاف ما عليه المشهور مشكل، والأخذ بقولهم من دون دليلٍ أشكل».

ورحم الله جميع العلماء والفقهاء على اختلاف مشاربهم ومنطلقاتهم في اتخاذ مواقفهم، ورزقنا ثقافة احترامهم وتقديرهم والانحناء إجلالاً لهم، دون أن تُسلب الأجيال المتخصّصة اللاحقة في الوسط العلمي الديني والحوزوي حقّ التفكير والنقد والمناقشة الموضوعيّة والأخلاقيّة لهم إن شاء الله تعالى.

حيدر حبّ الله

الخميس 16 ـ 12 ـ 2021م

comments are closed

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36588774       عدد زيارات اليوم : 15168