اشتهر في مذهب الإماميّة ـ خلافاً لجمهور فقهاء المسلمين ـ القولُ بنجاسة غير المسلم، سواء كان من أهل الكتاب أم من غيرهم، بل قال جماعةٌ منهم بنجاسة بعض المنتسبين للإسلام أيضاً كالغلاة والنواصب والخوارج، بل قال بعضٌ بنجاسة مطلق غير الإمامي الاثني عشري من مذاهب أهل السنّة وأمثالهم، بل نُسب القول بنجاسة ولد الزنا ولو كان أبواه مسلمين إلى الشيخ الصدوق (381هـ) والسيد المرتضى (436هـ). ولعلّ ابن إدريس الحلّي (598هـ) يوافق أيضاً على نجاسة ابن الزنا؛ لأنّه كان يعتقد بكفر ولد الزنا مطلقاً، في رأيٍ خالف فيه ـ رحمه الله ـ جمهورَ الفقهاء.
وقد حدث تحوّلٌ تاريخي على مستوى هذا الرأي في القرن العشرين، وبخاصّة على يد السيّد محسن الحكيم (1390هـ) في قضيّة طهارة أهل الكتاب، ثمّ السيد محمّد باقر الصدر في قضيّة طهارة الإنسان، فاشتهر ـ وإلى اليوم ـ القول بطهارة أهل الكتاب دون غيرهم. ثمّ أخذ القول بطهارة مطلق الإنسان يحظى بحضور متزايد تدريجيّاً في الأوساط البحثيّة الفقهيّة بل والفتاوى العمليّة، فاحتاط وجوباً في نجاسة الكافر غير الكتابي غيرُ واحدٍ، من أمثال: السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمّد سعيد الحكيم، والشيخ حسين علي المنتظري، والسيد كاظم الحائري، والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي، والسيد علي السيستاني في رأيه الأخير، الذي عدل فيه عن الإفتاء بنجاسة غير أهل الكتاب إلى الاحتياط، وغيرهم. بل قد أفتى بطهارة مطلق الإنسان جماعةٌ، منهم: السيد محمّد حسين فضل الله، والشيخ إبراهيم الجناتي، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تعليقته الأخيرة على العروة الوثقى، وغيرهم.
والذي توصّلتُ إليه هو القول بطهارة الإنسان مطلقاً، منتسباً للإسلام كان ـ كالخوارج والنواصب والمجبرة والمجسّمة والصوفية والقائلين بوحدة الوجود والغلاة ومطلق مذاهب المسلمين من الشيعة والسنّة و.. ـ أو لا، كتابيّاً كان أو غيره، مؤمناً بدينٍ ما أو ملحداً تماماً، مرتدّاً عن الإسلام أو غير مسلم من الأصل، وسواء كان ابن زنا أم لا، مقصّراً كان في كفره أو قاصراً، فهؤلاء جميعاً طاهرون من حيث ذواتهم.
حيدر حبّ الله
الأحد 19 ـ 9 ـ 2021م