إلى جانب العقود هناك ما يُعرف في الفقه بالإيقاعات مثل الطلاق، والمراد بها ـ في التعريف الشائع المبسَّط ـ ما يتقوّم بطرفٍ واحد فقط فلا يحتاج للقبول، على خلاف العقود التي تتقوّم بالإيجاب والقبول. وثمّة إيقاعات ونحوها اشترط الفقهاء ـ إمّا مشهورهم أو بعضهم ـ أن تكون باللغة العربيّة، وأهمّها:
الطلاق: وهو المشهور، لكنّ الشيخ حسين علي المنتظري بنى شرط العربيّة على الاحتياط الوجوبي في غير الخلع والمباراة، فيما صرّح الشيخ يوسف الصانعي بعدم شرط العربيّة في الخلع في بحوثه الاستدلاليّة، وفي الوقت عينه انتصر لشرط العربيّة في الطلاق. أمّا السيّد موسى الشبيري الزنجاني فيبدو منه محاولة عدم إبداء رأي، حيث اكتفى في رسالته العمليّة بالقول: «وعلى المشهور أن تكون الصيغة بالعربيّة» دون أن يبيّن هل يوافق هو المشهور أو لا؟ وهكذا فعل أيضاً في حديثه عن شرط العربيّة في الخلع والمباراة.
اللعان: حيث اشترطوا في صيغة الملاعنة أن تكون باللغة العربيّة مع القدرة عليها، وبعض الفقهاء بناه على الاحتياط الوجوبي مثل السيّد علي السيستاني. وبعضٌ آخر نفى هذا الشرط أساساً مثل السيد محمّد باقر الصدر والشيخ الصانعي، وعلّق السيد محمّد صادق الروحاني على هذا الشرط بقوله بأنّ فيه تأمّلاً.
القَسم والحلف ونحو ذلك، لكن نصّ على عدم شرط العربيّة في القَسَم بعضهم مثل السيد الخامنئي.
إلى غير ذلك من الموارد والآراء التي لا نطيل بذكرها هنا، فإنّ تبياننا للآراء أو أسماء بعض الشخصيّات إنّما هو من باب المثال، لا من باب الاستقصاء التامّ، فهذا شأن المطوّلات دون ما نحن فيه هنا.
والذي توصّلتُ إليه هو صحّة جميع الإيقاعات ونحوها، فضلاً عن العقود كما سبق وقلنا، باللغة العربيّة وبغيرها، للقادر على العربيّة وغيره، من العربيّ وغيره، فيصحّ الطلاق بأنواعه ـ وكذا مثل الخُلع ولو لم نقل بأنّه طلاق، بل اعتبرناه فسخاً، كما ذهب إليه بعضُ الفقهاء، وفصلوه عن باب الطلاق لأجل ذلك ـ واللعان، والعهد، والنذر، واليمين، والإقالة، والوقف وملحقاته، والجعالة، والوصيّة، والشفعة، والإبراء، والإسقاط، والفسخ، والإذن، والإقرار، والإباحة، والتحليل، والرجعة، والإيلاء، والعتق وملحقاته، وأحكام القاضي والحاكم، وغير ذلك.. يصحّ بكلّ اللغات شرطَ أن تفي التعابير في اللغات الأخرى بتمام الشروط المأخوذة في الشريعة.
ملاحظة: بعض العناوين التي ذكرتُها هنا ثمّة نقاش في كونها من الإيقاعات أو من غيرها (أو هي خارج ثنائية العقد والإيقاع معاً)، مثل الجعالة والوصية والوقف و.. لكنّني ذكرتُها ولو إلحاقاً، فاقتضى التنبيه.
حيدر حبّ الله
الخميس 2 ـ 12 ـ 2021م