لعلّه يمكن القول بأنّ جمهور فقهاء الإسلام قد اعتقدوا بشرعيّة الجهاد الابتدائي، بل القول بوجوبه هو السائد. والمقصود به ـ وفقاً لتعريفاتهم ـ قيام المسلمين بفتح حربٍ مع غيرهم بهدف إخضاعهم والسيطرة على بلادهم حتى لو لم يقم الآخرون بالعدوان مسبقاً على المسلمين. وثمّة تفصيل في حكم أهل الكتاب وغيرهم من حيث فرض الإسلام عليهم بالقوّة وعدمه. وهناك تفاصيل متعدّدة حول هذا الحكم، من نوع ذهاب العديد من فقهاء الإماميّة إلى أنّ هذا النوع من الجهاد خاصّ بعصر حضور الإمام. كما حاول بعض الفقهاء والمفكّرين في القرن العشرين إدخالَ قيود افتراضيّة؛ لإعادة تصوير هذا النوع من الجهاد بطريقة حديثة، فراجع.
والذي توصّلتُ إليه بعد دراسة الموضوع، هو عدم ثبوت وجوب هذا الجهاد في الشريعة الإسلاميّة، بل ذهبتُ أبعدَ من ذلك إلى القول بحرمة هذا الجهاد في أصل الشرع، بلا فرق بين عصر الحضور وغيره، وأنّ الجهاد المشروع في الإسلام هو الجهاد الدفاعي، بمعنى أنّ المسلمين من حقّهم ـ بل واجبهم ـ الدفاع عن أنفسهم، بل حتى لو لم يبدأ العدوّ بالحرب، لكنّه كان يستعدّ لبدء عدوانه عليهم، كان حقّاً لهم أن يبادروا إلى مجاهدته؛ للحيلولة دون اعتدائه عليهم.
وللمزيد يمكن مراجعة بحث الجهاد الابتدائي في كتابي المتواضع: (قواعد فقه العلاقة مع الآخر الديني: 221 ـ 365، الطبعة الأولى).
حيدر حبّ الله
الخميس 9 ـ 9 ـ 2021م