ذهب مشهور فقهاء الإماميّة في ذكاة الصيد بالحيوان (الكلب..) أو بالآلة أن يكون الصائد مسلماً، فلو صاد الطيور أو غيرها من الحيوانات الممتنعة كالغزلان شخصٌ غير مسلم لم تتحقّق التذكية المطلوبة، حتّى لو سمّى، لكنّ صيد السمك والجراد لم يشترطوا فيه بالخصوص إسلامَ الصائد. أمّا فقهاء أهل السنّة فكان لهم مواقف شبيهة، لكنّهم استثنوا الكتابي ـ غير المجوسي ـ على قيود عند بعض الشافعية في الكتابي أيضاً.
وخالف مشهورَ الإماميّة بعضُ الفقهاء، وعلى سبيل المثال فقد أجاز السيد محمد صادق الروحاني صيدَ الكتابي، واكتفى السيّد محمد الروحاني في بعض كتبه الفتوائيّة بذكر أنّ المشهور قائلون بشرط الإسلام دون أن يعلّق بتبيان رأيه. وبنى السيّد السيستاني حرمةَ صيد الكتابي إذا سمّى على الاحتياط الوجوبي، واعتبر السيّد محمّد محمّد صادق الصدر والشيخ ناصر مكارم الشيرازي شرط الإسلام في الصائد مبنيّاً على الاحتياط الوجوبي. وقد ختم المحقّق الأردبيلي (993هـ) بحثَه حول شرط الإسلام في الصائد بقوله: «إنّه لا دليل واضحاً عليه، إلا أنّ أكثر الأصحاب عليه، وفيه الاحتياط».
والذي توصّلتُ إليه هو عدم اشتراط إسلام الصائد في حليّة الصيد، فضلاً عن اشتراط انتمائه المذهبي الخاصّ، إنّما المهم ـ كما قلنا في مسألة اشتراط الإسلام في الذابح ـ أن يكون ممّن يمكن صدور التسمية منه حقيقةً، ويوثق بجريان عمليّة الصيد المطلوب منه بما فيها التسمية حيث تُشترط، فلو كان مُلحداً تماماً فلا معنى للتسمية منه، فلا يحلّ صيده المشروط بالتسمية، وهو كلّ صيد بالحيوان أو الآلة غير السمك والجراد، كما دلّت على ذلك النصوص العديدة، وعليه فلو تحقّقت التسمية الواقعيّة وحصلت الشروط المطلوبة في الصيد حلّ الحيوان المصطاد بكلّ أنواعه ولو كان الصائد غير مسلم أو حتى غير كتابي، وإذا لم يتحقّق ذلك لم يحلّ ليس لأجل عدم إسلام الصائد، بل لأجل عدم تحقّق الشروط الأخرى.
ولمزيد مراجعة، انظر ما قلناه سابقاً في اشتراط الإسلام في الذابح، فالكلام هو الكلام تقريباً، بل عدم اشتراط الإسلام في الصائد أوضح عندي منه في الذابح، والعلم عند الله.
حيدر حبّ الله
الجمعة 3 ـ 12 ـ 2021م