الذي قد يظهر للمتتبّع أنّ معظم الفقهاء ـ كما ادّعي ـ قد حكموا بحرمة نظر المرأة إلى جسد الرجل الأجنبي فيما عدا العورة، فضلاً عنها، بما في ذلك وجه الرجل ويديه، وذلك في حالة كون النظر غير تلذّذي، أمّا لو كان تلذّذياً فلعلّهم اتفقوا، حسب الظاهر، على الحرمة. واستثنى بعضهم ـ وهو ما بدأ يشتهر بين المتأخّرين ـ ما تعورف كشفه من قبل الرجال كالرقبة واليدين والوجه والرأس والقدمين ونحو ذلك. وتكتسب هذه المسألة أهميّتها في الظروف الراهنة، لاسيما إذا جعلنا الصور الفوتوغرافية وشاشات التلفزة والسينما محكومة ـ على مستوى النظر وأحكامه كما هو الصحيح ـ بحكم المناظر والمشاهد الطبيعية المباشرة، فإنّ مواجهة النساء لمسألة النظر المذكور ستكون شاملة وشديدة الابتلاء.
ولم يُفتِ بعضُ العلماء، بل احتاطوا وجوباً في غير الرقبة والوجه واليدين والرأس والقدمين، ومنهم السيّد الخوئي، والسيّد محمّد الروحاني، والشيخ جواد التبريزي، والسيد محمود الهاشمي، والسيّد علي السيستاني، وغيرهم. فيما أفتى بالحلية في غير العورة بعضٌ مثل السيّد محمد حسين فضل الله، وهو ما لعلّه المفهوم من بعض كلمات الشيخ محمّد إسحاق الفياض أيضاً. كما ناقش في أدلّة الحرمة كلّها السيد تقي القمي وغيره.
والذي توصّلتُ إليه هو حرمة نظر المرأة لجسد الرجل الأجنبيّ مطلقاً إذا كان عن شهوة وتلذّذ أو فيه الفتنة والفساد، بلا فرقٍ بين العورة وغيرها، وبين ما تعورف كشفه وغيره، نظراً مباشراً أو عبر الواسطة. أمّا إذا كان النظر خالياً من ذلك كلّه فهو جائز لغير العورة مطلقاً، بلا فرق بين ما تعورف كشفه وغيره، بالمباشرة أو بالواسطة.
لمزيد اطّلاع، راجع كتابي المتواضع (إضاءات 2: 401 ـ 411، الطبعة الأولى، 2013م).
حيدر حبّ الله
السبت 23 ـ 10 ـ 2021م