ذهب الكثير من فقهاء الإماميّة ـ خلافاً لمشهور فقهاء أهل السنّة ـ إلى عدّ رمس تمام الرأس في الماء من المفطرات للصائم، فيما اعتبر بعض ـ ومنهم السيّد موسى الشبيري الزنجاني ـ أنّه محرّم حرمةً تكليفيّة عليه دون أن يضرّ بصومه. ورأى فريق ثالث ـ ومنهم السيد علي السيستاني والسيد محمد صادق الروحاني ـ أنّه مكروه كراهة شديدة وليس بحرام تكليفاً ولا بمبطلٍ للصوم أساساً. ورأى السيّد محمّد سعيد الحكيم أنّ تجنّبه هو الأحوط استحباباً، فيما احتاط وجوباً السيد فضل الله في تركه، وفي الوقت عينه صرّح بأنّه لا يراه من المفطرات.
وفي العصر الحديث احتاط بعض العلماء وجوباً في عدّ الارتماس من المفطرات، ومن أبرزهم: السيد أبو الحسن الإصفهاني، والسيّد محسن الحكيم، والسيد روح الله الخميني، والسيد محمّد رضا الگلپایگاني، والشيخ محمّد علي الأراكي، والسيد محمّد الروحاني، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيّد كاظم الحائري، والشيخ لطف الله الصافي، والشيخ بيات الزنجاني، وآخرون. وهو ظاهر كلام الشيخ محمّد إسحاق الفياض أيضاً.
والذي توصّلتُ إليه ـ والعلم عند الله ـ هو أنّ الارتماس محرّم على الصائم حرمةً تكليفيّة، لكنّه لا يبطل الصوم. وبما أنّ الارتماس ليس من المفطرات فلا قضاء ولا كفارة لو ارتكبه الإنسان. وغالب الظنّ أن تحريم الارتماس يكون من نوع ـ ما أسميناه في البحث الأصولي ـ الأحكام التحفظيّة.
وقد كنت سابقاً أرى مفطريّة الارتماس، غير أنّه لا قضاء فيه، لكنّني عدلت عن ذلك بعد إجراء مراجعة جديدة.
هذا، والمقدار المحرّم من الارتماس هو رمس تمام الرأس في الماء ولو من دون الرقبة، دفعةً أو تدريجاً، بحيث يتحقّق عرفاً كون تمام الرأس في الماء ولو في لحظة واحدة، أمّا وضع البدن كلّه في الماء عدا الرأس أو بعضه فلا يبطل الصوم، نعم وردت رواية واحدة في نهي المرأة أن تستنقع بالماء.
لمزيد اطّلاع، راجع بعض الإشارات في كتابي المتواضع (إضاءات 3: 261 ـ 264، الطبعة الأولى، 2014م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 24 ـ 11 ـ 2021م