انقسم الموقف الفقهي تجاه مسألة خروج الزوجة من بيتها بغير إذن زوجها، وذلك على رأيين اثنين:
الرأي الأوّل: وذهب إليه الكثير من الفقهاء المسلمين، وهو أنّ الزوجة بحاجة لإذن زوجها للخروج مطلقاً ولو لزيارة أهلها، سواء نافى خروجُها حقوقَه الزوجيّة أم لا.
الرأي الثاني: وذهب إليه بعض الفقهاء، وهو أنّ الزوجة يمكنها الخروج من بيت زوجها بدون إذنه، شرط أن لا ينافي ذلك حقوقه كحقّ الاستمتاع.
هذا، وقد بنى بعضُ الفقهاء الصيغةَ النهائيّة هنا على الاحتياط الوجوبي، بمعنى شرط أخذ إذن الزوج مطلقاً على الأحوط وجوباً.
ويجب أن نلفت النظر هنا بأنّه لا يُقصد من الخروج هنا التمرّد وترك البيت نهائيّاً، فهذا يندرج في النشوز الذي له أحكامه الخاصّة.
وقد توصّلتُ في دراسة هذا الموضوع إلى أنّ الرجل والمرأة لهما هنا حكمٌ واحد، وهو عدم جواز خروج أيّ منهما من البيت من دون إذن الآخر لو نافى هذا الخروج حقوق الطرف الآخر، سواء اعتبرنا هذا الخروج محرّماً في نفسه أم اعتبرناه متضمّناً أو مستلزماً للحرام (أو ترك الواجب) الذي هو عدم تسليم الحقّ للطرف الآخر. أمّا لو لم يوجب خروج الزوج أو الزوجة من البيت التقصير في أداء حقوق الطرف الآخر، فلا يحتاج هذا الخروج إلى إذن، بل يكون جائزاً، ما لم يتعنون بعنوان ثانوي إلزامي. والأمر عينه في خروج الابن البالغ الرشيد أو البنت البالغة الرشيدة من بيت أهلها، فإنّه جائز ما لم يلزم منه عقوق الوالدين وما شابه ذلك من المحرّمات.
ولمزيد توسّع، راجع بحث اشتراط إذن الزوج في خروج الزوجة من البيت، ضمن بحثي حول «عمل المرأة، دراسة في ضوء معطيات الفقه الإسلامي»، والمنشور في كتابي المتواضع (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 2: 227 ـ 324، الطبعة الأولى، 2011م).
حيدر حبّ الله
الأحد 26 ـ 9 ـ 2021م