وقعت هذه المسألة موقع النقاش بين فقهاء المسلمين بمذاهبهم، ويلوح من بعض الفقهاء في بحوثهم العلميّة القول بأنّ النظر إلى صورة المرأة الأجنبيّة عبر واسطةٍ قريبة مثل المرآة، أو بعيدة مثل الصور الفوتوغرافيّة، لا دليل على تحريمه بعنوانه إذا كان خالياً من الشهوة والريبة. وفصّل بعضهم في مثل الصور الفوتوغرافيّة بين معرفة الناظر بصاحبة الصورة فيحرم عليه النظر، وعدم معرفته بها فيجوز، فيما فصّل آخرون بين البثّ المباشر في التلفاز فيحرم النظر وغيره فيجوز، فيما فصّل فريقٌ ثالث بين الصور المتحرّكة كالأفلام فيحرم النظر، وغير المتحرّكة كالصور الفوتوغرافيّة فيجوز، إلى غير ذلك من تفصيلات.
والذي توصّلتُ إليه في بحوثي المتواضعة هو أنّه في كلّ مورد تحكم فيه الشريعة بحرمة النظر إلى الأجنبيّة أو الأجنبيّ أو بحرمة الكشف أمام الأجنبيّة أو الأجنبيّ، فإنّه لا فرق في ذلك بين حالة المباشرة وغيرها، فالكلّ حرام، سواء كانت الواسطة قريبةً كالمنظار أو النظّارات، أم متوسّطةً كالمرآة أو الماء الصافي، أم بعيدةً كالصور الفوتوغرافيّة أو الأفلام، بلا فرق في ذلك كلّه أيضاً بين البثّ المباشر وغير المباشر، ولا بين الصور المتحرّكة وغير المتحرّكة، ولا بين معرفة الناظر للمنظور إليه وعدم معرفته له، ولا بين كون المنظور إليه حيّاً أو ميّتاً، فكلّه حرام حيث يكون النظر المباشر أو الكشف المباشر حراماً.
ولمزيد من التفصيل، راجع بحث «فقه الستر والنظر، مطالعة في الحالات غير المباشرة (المرآة، الصور، التلفزيون)..»، ضمن كتابي المتواضع (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 1: 493 ـ 512، الطبعة الأولى، 2011م).
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 7 ـ 9 ـ 2021م