يظهر من بعض الفقهاء المتقدّمين تحريم بيع السباع والمسوخ والحشرات والقرود وكلّ حيوان يحرم أكله مطلقاً، لكنّ الكثير من الفقهاء المتأخّرين أجروا مراجعة نقديّة هنا، وحكموا بالجواز مع استثناء بعضهم للقرد، فحرّموا بيعه، واحتاط السيد محمّد سعيد الحكيم في بيع القرود.
والذي توصّلتُ إليه أنّه تجوز المعاملة بالبيع وغيره على جميع هذه الأنواع من الحيوانات المشار إليها ـ بعيداً الآن عن الخنزير وبعض أنواع الكلاب مما سوف نتحدّث عنه لاحقاً بحول الله ـ بلا فرقٍ في الجواز هنا بين وقوع المعاملة على الحيوان نفسه كاملاً أو على بعض أعضاء بدنه، مثل عاج الفيل أو جلود السباع أو فرو بعض الحيوانات أو غير ذلك.
والدليل على ذلك كلّه هو عدم ثبوت ما يفيد التحريم التكليفي أو الوضعي هنا، فالإجماع المدّعى واضح المدركيّة، والروايات الناهية العمدة هنا ضعيفة الإسناد على التحقيق، على قلّتها بحيث لا ترقى لمستوى الخبر المطمأنّ بصدوره، فضلاً عن وجود المعارض لها في بعض الدوائر، مما دفع بعض الفقهاء لحملها على الكراهة. وقد ورد في بعض الروايات جواز بيع الفهود وسباع الطير، وكذلك الهرّ، وكذا جلود السباع.
ودعوى سلب المنفعة المحلّلة مطلقاً عن هذه الحيوانات واضحةُ الفساد كما صرّح بذلك غير واحد، بل تكفي المنفعة المحلَّلة ولو النادرة مادامت مبرّراً للطرفين لإجراء المعاملة، بل لا دليل على اشتراط المنفعة المحلّلة المقصودة عقلائيّاً في تصحيح المعاملات ما دام شرط الماليّة في العوضين متحقّقاً.
والتفصيل يتطلّب مجالاً آخر.
حيدر حبّ الله
الاثنين 23 ـ 5 ـ 2022م