لو ارتضع حيوانٌ محلّل الأكل بالأصل من لبن خنزيرةٍ، فهنا حالتان عند الفقهاء:
الحالة الأولى: أن يرتضع منها بحيث يشتدّ عظمه وينبت لحمه، ولا يمكن إزالة تحريمه بالاستبراء.
وهنا ذهب الكثير من الفقهاء إلى القول بحرمته بل حرمة نسله، وادّعي عليه الإجماع عند الإماميّة. بل الظاهر ذهاب غير واحد من الشافعيّة إلى الحكم بحرمة العنز التي ربّيت بلبن كلبةٍ أو خنزيرة إذا تغيّر لحمها. أمّا الأحناف فذهبوا إلى الحلّية مطلقاً؛ لأنّ لحم الجدي لا يتغيّر ولا ينتن بهذا الرضاع.
الحالة الثانية: أن يرتضع، لكن بما لا يبلغ حدّ اشتداد العظم ونبات اللحم، كما لو ارتضع قليلاً أو لمرّة واحدة.
وهنا لعلّ المعروف بين فقهاء الإمامية هو كراهة لحمه، وأنّه يستحب إذا كان مستغنياً عن اللبن أن يُستبرأ بالاعتلاف سبعة أيام، وإلا أُلقي على ضرع شاة أو حيوان آخر ليغتذي عليه.
واللافت هنا أنّ بعض الفقهاء اعتبر الحكم المتقدّم كلّه خاصّاً بحال تناول اللبن عن ارتضاع، أمّا لو تناول الحيوان اللبن من كوبٍ بعد أخذه من الخنزيرة، ففي هذه الحال لا يلحق الحيوان أيّ حكم على الإطلاق في جميع الحالات.
وقد صرّح المحقّق النجفي بأنّ الكلبة والكافرة لا تلحق الخنزيرة؛ لحرمة القياس، وفي اختصاص الحكم بالجدي خلاف بينهم. كما قد ذهب مثل السيّد علي السيستاني إلى عدم شمول الحكم للرضاع بعدما كبر الحيوان وتمّ فطامه.
والذي توصّلتُ إليه ـ والله العالم ـ أنّ الحيوان محلّل الأكل إذا ارتضع من خنزيرة، فلا يحرم لحمه بهذا الرضاع مطلقاً، سوى ارتضع قبل أوان فطامه أم بعده فمهما كان عمره لا يحرم، وسواء كان الارتضاع بحيث أوجب اشتداد العظم ونموّ اللحم أم لا، بل حتى لو قلنا بالتحريم فإنّه لا يوجد دليل تامّ على شمول الحكم لغير الحمل والجدي من أنواع الحيوانات، كما لا يشمل الحكم ارتضاع الحيوان من غير الخنزيرة مثل الكلبة أو أيّ حيوان آخر، فضلاً عن الإنسان بلا فرق بين المسلمة وغيرها. ولو قيل بالتحريم فلا فرق بين الارتضاع أو شرب اللبن من دون ارتضاع.
وللتفصيل، راجع كتابي (فقه الأطعمة والأشربة 2: 253 ـ 266، الطبعة الأولى، 2020م).
حيدر حبّ الله
الأحد 16 ـ 10 ـ 2022م