لو وُلد حيوانٌ من حيوانين: أحدُهما محلّل الأكل والآخر محرّمه، فما هو الحكم؟ ذهب بعضهم ـ مثل الشيخ صالح الفوزان ـ إلى تغليب جانب الحرمة، وبهذا يُحكم بحرمة البغل المولود من الحمار والفرس، بناءً على حرمة الحمار الأهلي. والسؤال عينه يأتي في الحيوانات المستنسَخة، فهل هي حلال أو حرام؟
والذي توصّلتُ إليه في كتابي في الأطعمة والأشربة أنّ الصحيح أنّ هذا التغليب لجانب الحرمة لا معنى له؛ فليس عندنا عنواٌن تحريمي في النصوص الدينيّة اسمه «المتولّد من حيوان محرّم»، ولم يرد شيء من هذا في النصوص بهذه الطريقة المستقلّة، ولم تثبت كليّة قاعدة درء المفسدة المحتملة أولى من جلب المصلحة المحتملة، وعليه فننظر في الحيوان المتولّد فإذا صدق عليه عنوان الحيوان المحرّم المولود منه، أو أيّ حيوان محرّم آخر، كان حراماً؛ لكون العنوان التحريمي شاملاً له، كما لو صدق عليه عنوان الخنزير مثلاً بعد تولّده من الخنزير وغيره، وإلا فهو حلال بقاعدة الحلّ أو بدليل تحليل العنوان الخاص الذي انضوى تحته لو كان فيه دليلٌ خاصّ أيضاً. بل لو شُكّ فلا موجب للتحريم؛ إذ المتعيّن العمل بقاعدة الحلّ في هذه الحال.
وبهذا نعرف أنّنا بأكلنا الحيوان المتولّد لا نأكل الحيوان المحرّم الذي جاء منه، حتى يقال بأنّ فيه جزءاً محرّماً؛ لأنّ المفروض أنّ الجزء الذي من الحيوان الأم أو الأب قد استحال فصار هذا المتولّدَ، لهذا لا تترتّب أحكام الجزئيّة على المولود بعد ولادته.
وهكذا الحال في الحيوانات المستنسَخة (الاستنساخ)، فإنّ العبرة بصدق عنوانٍ تحريمي عليها، وإلا تكون حلالاً بمقتضى قاعدة الحلّ ونحوها مما أشرنا إليه أعلاه، فلو تمّ استنساخ خنزيرٍ وصدق عنوان الخنزير عليه كان حراماً، ولو استُنسخ غنم، فصدق عنوان الغنم عليه، صار حلالاً، بل حتى لو وُلد حيوان لم يسبق له وجود في نوعه، فيحكم بحلّه؛ عملاً بقاعدة الحلّ.
وهذه النتيجة تفتح على قاعدة واسعة في ظلّ تطوّرات العلوم الحديثة.
حيدر حبّ الله
السبت 20 ـ 8 ـ 2022م