المعروف بين الفقهاء تحريم الأكل على مائدةٍ يُشرب عليها الخمر. والمقصود بالمائدة هنا هي السُّفرة ونحو ذلك مما يوضع عليه الطعام عادةً تمهيداً لتناوله. وبعضُ الفقهاء حكم بحرمة الجلوس على هذه المائدة أيضاً حتى لو لم يأكل الجالس عليها شيئاً. ووقع بينهم بحثٌ في أنّ الحكم مختصّ بالخمر أو يشمل سائر المسكرات وصولاً إلى الفقّاع، أو هو مطلق لكلّ مجلس يعدّ مجلساً للفسق والفجور، ونحو ذلك من التفريعات.
والذي توصّلتُ إليه بنظري القاصر هو أنّ الراجح تحريم أن يكون الإنسان في ملتقى يصدق عليه وحدة المجلس بحيث يصنَّف عرفاً من أفراد هذا المجلس، ويُشرب في هذا المجلس ـ ولو من قِبَل شخصٍ واحد ـ شيءٌ من المسكر الأعمّ من الخمر وغيره دون عذرٍ من شاربه، سواء أكل الجالس أم لا، وسواء كانت هناك مائدة أم لا، وُجد عليها طعام أم لا. أمّا الطعام في نفسه فلا يحرم. كما أنّ هذا الحكم لا يعمّ مطلق مجلس يرتكبُ فيه شخصٌ معصيةً، عدا بعض المعاصي الكبيرة مثل الكفر بآيات الله مع الاستهزاء بها، فلا يجوز الجلوس في مجلس يُكفر فيه بآيات الله مع الاستهزاء بها. ولا يعمّ هذا الحكمُ مجلساً توجد فيه الخمرُ ـ ولو على مائدةٍ ـ مع عدم وجود من يشربها.
هذا، والحكمُ مرتفعٌ بموارد الضرر والحرج كسائر الأحكام الشرعيّة الأوليّة.
راجع بحث «مائدة الخمر»، والمنشور في كتابي المتواضع (فقه الأطعمة والأشربة 3: 345 ـ 360، الطبعة الأولى، 2020م).
حيدر حبّ الله
السبت 2 ـ 10 ـ 2021م