ذهب الكثير من فقهاء الإماميّة لمنع ولد الزنا من تولّي إمامة الجماعة وما تؤخذ الجماعة فيه مثل صلاة الجمعة وغيرها، وعدم ترتيبهم آثار الجماعة عليها. وفي جملة من تعبيراتهم اشتراطُ طهارة المولد في إمامة الصلاة. أمّا فقهاء أهل السنّة فانقسموا بين قائلٍ بالكراهة، لكنّه لو تقدّم ابنُ الزنا للإمامة جازت الصلاة خلفه، وقائلٍ بكراهة كونه إماماً راتباً فقط، وقائلٍ بجواز الصلاة خلفه دون منعٍ أو كراهة مطلقاً، وهو ـ أي الرأي الأخير ـ ما ذهب إليه العديد من فقهاء الحنابلة، ونُسب لبعض كبار فقهاء التابعين وتابعيهم.
وقد استند فقهاء أهل السنّة لإثبات ذلك (الكراهة..) إلى بعض الوجوه الاعتباريّة، فيما استند فقهاء الشيعة ـ إلى جانب بعض الوجوه الاعتباريّة ـ إلى رواياتٍ وردت عن أهل البيت النبويّ، مضافاً إلى ما اعتبروه أصالة عدم المشروعيّة نتيجة اعتقادهم بعدم وجود إطلاق في أدلّة الجماعة، وإن ناقش المحقّق الإصفهاني (1361هـ) في الاستدلال بالروايات، وبدا غير مقتنعٍ بالحكم الذي ذهب إليه مشهور الإماميّة؛ لكنّه مع ذلك احتاط في المسألة.
والذي توصّلتُ إليه بنظري القاصر هو عدم ثبوت شرط طهارة المولد في إمام الجماعة مطلقاً، فيمكن له التصدّي للإمامة، كما يمكن للمصلّين الائتمام به إذا كان حائزاً على سائر الشروط المطلوبة.
ولمزيد مراجعة حول فقه ولد الزنا، انظر بحث «ولد الزنا في الفقه الإسلامي، قراءة وتقويم»، والمنشور في كتابي: (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 5: 315 ـ 388، الطبعة الأولى، عام 2015م).
حيدر حبّ الله
الجمعة 10 ـ 9 ـ 2021م