المعروف بين فقهاء الإسلام هو الحكم بعدم السماح باستيطان المشركين، أو هم وأهل الكتاب مطلقاً، الجزيرةَ العربيّة، بل تحفّظَ بعضُهم من مجرّد زيارتهم تلك البلاد أو مرورهم فيها، فيما مال بعضٌ لإمكان أن يأذن إمام المسلمين لهم بالزيارة مدّة ثلاثة أيام فقط. بل قال بعضٌ بلزوم نبش قبر غير المسلم لو دُفن في الجزيرة العربيّة وإخراج جثته منها. واختلفوا في تحديد البقعة الجغرافيّة التي يُمنع المشرك أو مطلق غير المسلم من دخولها، هل هي الحجاز أو كلّ الجزيرة العربيّة بما فيها اليمن ونجد والحجاز و.. أو أنّ الحكم خاصّ بمكّة والمدينة، أو غير ذلك؟
وخالف في هذا الحكمِ المشهورِ جماعةٌ قليلة من الفقهاء، من أبرزهم السيّد أبو القاسم الخوئي (1413هـ)، الذي شكّك في القضيّة. وتبعه فقهاء آخرون، منهم السيد محمود الهاشمي (1440هـ) والشيخ الوحيد الخراساني، وغيرهما.
والذي توصّلتُ إليه في دراسة الموضوع هو عدم ثبوت هذا الحكم مطلقاً، استيطاناً وزيارةً ومروراً ودفناً وغير ذلك، فيمكن للمسلم وغير المسلم أن يعيش أو يزور أو يُدفن في هذه البلاد ـ كغيرها من بلاد المسلمين ـ ما لم يلزم عنوان ثانوي تحريمي. نعم دخول خصوص المشركين لخصوص المسجد الحرام أمرٌ آخر.
ولمزيد توسّع، يمكن مراجعة بحثي المتواضع «إخراج غير المسلم من الجزيرة العربيّة، دراسة فقهيّة استدلاليّة»، والمنشور في كتابي: (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 2: 325 ـ 355، الطبعة الأولى، 2011م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 22 ـ 9 ـ 2021م