بعد وضوح الحكم بحرمة الربا بين المسلمين بنصّ الكتاب والسنّة، ذكر مشهور فقهاء الإماميّة استثناءات للمعاملة الربويّة، ومنها: الربا بين الوالد (دون الأم) وولده، والربا بين الرجل وزوجته، فيمكن للوالد والولد أن يجريا فيما بينهما معاملةً ربويّة، والمعروف أنّ ذلك جائزٌ للطرفين، بينما المنسوب إلى الفقيه ابن الجنيد جواز أخذ الوالد للربا من الولد دون العكس، ومال إليه بعضٌ قليل جدّاً من المتأخّرين، كما يمكن للزوج وزوجته أن يجريا فيما بينهما معاملة ربويّة. وأفتى السيد موسى الشبيري الزنجاني بحليّة أخذ الربا للوالد دون الولد وللزوج دون الزوجة.
وقد أطلق أكثر الفقهاء الحكم هنا، فذكر غير واحد أنّه لا فرق في الولد بين الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والولد وولد الولد، ولا في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة، ولا فرق بين الربا بين الربا المعاملي والربا القرضي، وإن كانت عبارات بعضهم توحي أنّ المنظور هنا هو الربا المعاملي.
وخالف في هذا الحكم بعضُ الفقهاء، ومنهم السيّد المرتضى في بعض كتبه دون بعض، واحتاط وجوباً في ترك هذا الربا جماعة منهم: السيد الخوئي، والشيخ محمّد إسحاق الفياض، والسيّد محمّد باقر الصدر، والسيّد محمّد حسين فضل الله، والسيّد كاظم الحائري. بل أفتى الشيخ يوسف الصانعي بحرمة الربا في هذه الموارد أيضاً. وناقش السيد تقي القمّي أدلّة الترخيص كلّها ورفضها.
والذي توصّلتُ إليه ـ والله العالم ـ هو عدم استثناء الزوج والزوجة والوالد وولده مطلقاً من قانون حرمة الربا بلا فرق بين أنواع الربا المحرّم. فالنصوص قليلة جداً وكلّها ضعيفة الإسناد على التحقيق، والإجماع مدركيٌّ، بل يحتمل أنّهم أخذوا بالنصوص لبعض التعليلات الأخرى، من نوع «أنت ومالك لأبيك» ونحو ذلك، بل جملةٌ من المتقدّمين لم يُعرف موقفهم من هذه القضيّة بما يعيق القدرة على التحقّق من إجماع راسخ. هذا كلّه لو لم يناقِش أحدٌ في إباء النصوص القرآنية حول الربا عن التخصيص.
هذا، ولو صحّحنا النصوص، فالمقدار المتيقّن هو أخذ الوالد للربا من الولد والزوج من الزوجة، دون العكس، وفاقاً لما ذهب إليه أمثال ابن الجنيد والسيد الزنجاني، ولكنّ النصوص غير صحيحة كما قلنا.
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 7 ـ 12 ـ 2021م