يذهب العديد من فقهاء الإماميّة إلى أنّه لا يجوز قطع رأس الذبيحة قبل موتها نهائيّاً، وأنّه لو فعل ذلك مع العمد لم تكن الذبيحة حلالاً، واعتبر بعضٌ أنّ الفعل حرام لكنّ الذبيحة لا تحرم بذلك. أمّا لو حصل منه قطع الرأس سهواً أو لسبق السكّين فإنّه لا بأس بذلك مطلقاً.
غير أنّه يظهر نوعٌ من المراجعة النقديّة المتصلة بهذا الحكم عند متأخّري المتأخّرين. وقد بنى بعض الفقهاء المسألة على الاحتياط الوجوبي في رسالته العمليّة، من أمثال السيّد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمّد رضا الگلپايگاني، والسيد محمّد الروحاني، والشيخ حسين علي المنتظري، والشيخ محمّد إسحاق الفيّاض، والشيخ الوحيد الخراساني، والسيّد علي السيستاني (وبعضهم احتياطه في خصوص الجانب التكليفي وإلا فالذبيحة عنده حلال، فانتبه). واحتاط استحباباً في المسألة ـ أو ما قد يُشبه الاحتياط الاستحبابي ـ السيدُ محمّد باقر الصدر، والسيد محمد صادق الروحاني، والسيد محمّد حسين فضل الله، والسيد موسى الشبيري الزنجاني، والسيد محمد محمد صادق الصدر، والسيد محمود الهاشمي، والسيد صادق الشيرازي، وغيرهم.
أمّا على مستوى الفقه السنّي، فقد قال النووي في “المجموع”: «(فرع) في مذاهبهم إذا قطع رأس الذبيحة: مذهبنا أنها إذا ذكّيت الذكاة المعتبرة وقطع رأسها في تمام الذبح حلّت، وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وعمران بن الحصين وعطاء والحسن البصري والشعبي والنخعي والزهري وأبي حنيفة وإسحاق وأبي ثور ومحمد، وكرهها ابن سيرين ونافع. وقال مالك: إن تعمّد ذلك لم يأكلها، وهي رواية عن عطاء».
والذي توصّلتُ إليه، هو جواز قطع الرأس كاملاً تكليفاً وإن كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي هو عدم فعل ذلك. وأمّا على مستوى الحكم الوضعي، فإنّ الذبيحة تحلّ ولو مع قطع الرأس عمداً، ما دام فري الأوداج قد تحقّق وخرج الدم بذلك، فضلاً عن حالات السهو أو السبق أو نحو ذلك. هذا كلّه بلا فرق بين أنواع الحيوانات المذبوحة من طيورٍ وغيرها.
وعمدة الأدلّة هنا مثل خبر مسعدة بن صدقة ضعيف الإسناد على التحقيق قليل العدد، ولا مفهوم يقتضى التحريم لبعض النصوص التي تحدّثت في السؤال عن حالات قطع الرأس سهواً، بل غايته إثبات الكراهيّة لو تمّ، فيرجع لمقتضى الإطلاقات والعمومات في باب الذباحة ومطلق الأطعمة والأشربة وغير ذلك، والتفصيل في محلّه.
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 16 ـ 8 ـ 2022م