يذهب الكثير من فقهاء الإماميّة إلى أنّ من شروط مغسِّل الميت أن يكون شيعيّاً إماميّاً، فلا يصحّ تغسيل المخالف المنتمي لسائر مذاهب المسلمين. لكنّ بعض الفقهاء المتأخّرين بنى هذه المسألة على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى، ومن هؤلاء: الشيخ حسين علي المنتظري، والسيد علي السيستاني، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
بل قد أفتى بعدم هذا الشرط وتصحيح غسل الميت من الموافق والمخالف، السيدُ محمّد حسين فضل الله. وكان الشهيد الأوّل (786هـ) قد أفتى ـ في ظاهر عبارته ـ بإجزاء تغسيل غير الإمامي للإمامي.. ولم يذكر السيدُ محمّد باقر الصدر في الفتاوى الواضحة شرطَ التشيّع في المغسِّل، رغم أنّه عقد فصلاً خاصّاً في شروط المغسِّل، وهو ما يظهر أيضاً من السيد كاظم الحائري في بعض استفتاءاته.
والذي توصّلتُ إليه هو صحّة تغسيل غير الإمامي للإمامي، وكذلك صحّة تغسيل الإمامي لغير الإمامي، والأمر كذلك بين المذاهب المختلفة. وأيضاً صحّة تغسيل الإمامي للإمامي، كما وصحّة تغسيل غير الإمامي لغير الإمامي. والأدلّة المذكورة عندهم أو التي يمكن أن تُذكر قابلة للنقاش، بل بمراجعتي لمصادر الفقه غير الإماميّ لم أجد شيئاً مقنعاً يمكن أن يستدلّ به غيرُ الإمامي لكي يمنع عن تصحيح تغسيل الإمامي لغيره أيضاً. والنتيجة: إنّ شرط المماثلة في المذهب غير مأخوذ في الشريعة الإسلاميّة ما دام المغسِّل يقوم بعمليّة التغسيل على الطريقة الصحيحة، بلا فرق في ذلك بين توفّر الموافق في المذهب واستعداده لتغسيل الميت أو عدم وجوده واستعداده.
وهذا الذي قلناه يجري في مختلف أحكام تجهيز الميّت ومتابعة شؤونه عند الموت وعقيبه، من لحظة الاحتضار، مروراً بالتغسيل والتحنيط والصلاة والتكفين، وصولاً إلى التشييع والدفن وغير ذلك.
لمزيد اطّلاع على بعض الأدلّة ومناقشاتها باختصار، راجع كتابي المتواضع (إضاءات 1: 337 ـ 338، الطبعة الأولى، 2013م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 10 ـ 11 ـ 2021م