اختلف العلماء في حدود نهاية آية الكرسي، بعد إطباق المسلمين على أنّ بدايتها هو مطلع الآية 255 من سورة البقرة: ﴿اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..﴾، فالمعروف بين علماء السنّة والشيعة أنّها تنتهي بنهاية الآية رقم 255 من سورة البقرة، أي إلى قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾، وذهب بعض علماء الإماميّة إلى انتهائها عند قوله تعالى: ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، نهاية الآية 257 من البقرة. وكثيرون ذكروا ذلك من باب الاحتياط؛ لتردّد حال هذه الآية الكريمة، بين الآية رقم 255، والآيات رقم 255 ـ 257، ومقتضى الاحتياط ـ لتفريغ الذمّة عمّا كلّف به الإنسان ولو استحباباً (كصلاة ليلة الدفن) ـ أن يأتي بالزائدة، فلو نذر قراءة آية الكرسي أو أراد الإتيان بصلاة ورد فيها قراءة آية الكرسي، مثل بعض الصلوات المندوبة، فإنّ اللازم قراءة ثلاث آيات.
وسبب القول بالآيتين اللاحقتين هو ورود بعض الروايات في بعض الأعمال كصلاة يوم المباهلة، تذكر أنّه يأتي بآية الكرسي وبآيتين بعدها، الأمر الذي احتمل فيه بعض العلماء أنّ الإلزام بالآيتين بعدها كان نتيجةً لكون آية الكرسي الواقعيّة تنتهي هناك، وأنّها في المصحف لم تجعل بالطريقة الصحيحة، فأراد الإمام إرشاد المؤمنين إلى ضرورة قراءة الآيتين اللاحقتين لتتمّ لهم قراءة آية الكرسي نفسها.
والذي توصّلتُ إليه هو أنّ المقدار الثابت أنّه من آية الكرسي هو إلى قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾، وفاقاً للعديد من العلماء ليس آخرهم السيد الخوئي، فمن رغب في الاحتياط فله الزيادة، شرط عدم نسبة النهاية للآية إلى المولى سبحانه بلا دليل، والأصل عند دوران الأمر في الآية بين القليل والكثير هو أنّ القليل من الآية، ولا يعلم الكثير الزائد أنّه منها أم من الآية التي بعدها، فالأصل هو عدم جزئيّتها للآية الكريمة، وهو مقدّمٌ على قاعدة الشُّغل اليقيني، فآية الكرسي تنتهي ـ بالقدر المتيقّن ـ كما هي الآن في المصاحف، وذلك عند قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾، ولا دليل على وجود تحريفٍ فيها مطلقاً.
وقد بحثتُ حول هذه الآية، والروايات التي وردت في تعيينها، فراجع كتابي (إضاءات 2: 192 ـ 197، الطبعة الأولى، 2013م).
حيدر حبّ الله
الأحد 17 ـ 7 ـ 2022م