ورد في كتب الفقه الإسلامي، وفي كتب الآداب، مجموعة من المكروهات المرتبطة بالصوم والصائم، ومن بينها:
1 ـ ملامسة الصائم المرأة وتقبيلها وملاعبتها مع الوثوق بعدم خروج المنيّ بفعله هذا.
2 ـ الاكتحال.
3 ـ دخول الحمّام إذا كان مضعِفاً للصائم أو خشي منه الضعف.
4 ـ إخراج الدم أو سحبه إذا كان مسبّباً للضعف دون ما لو لم يسبّب للصائم ضعفاً.
5 ـ شمّ الرياحين، وهو كلّ نبات طيّب الرائحة، وقد ذكروا في الوقت نفسه أنّه لا يكره للصائم التطيّب.
6 ـ بلّ الثياب بالماء وهي على الجسد.
7 ـ جلوس المرأة الصائمة في الماء.
8 ـ الحقنة بالجامد.
9 ـ قلع الضرس، بل إدماء الفم مطلقاً من غير ضرورة.
10 ـ المضمضمة عبثاً.
11 ـ إنشاد الشعر للصائم، بل مطلقاً في شهر رمضان المبارك. وقد استثنى العديدُ من الفقهاء هنا ما لو كان الشعر في مراثي أهل البيت النبويّ أو مديحهم، فإنّ الكراهة ترتفع.
12 ـ السواك بالعود الرطب.
والذي توصّلتُ إليه ـ والعلم عند الله ـ هو عدم ثبوت كراهة أيّ من هذه المكروهات بعنوانه؛ تارةً لضعف سند أو مصدر ما دلّ على ذلك مع قلّته، مع عدم قولنا بقاعدة التسامح في أدلّة السنن، وأخرى لعدم الدلالة أساساً على الكراهة، وثالثة لكون المستند خبراً آحاديّاً، لكن هنا أمور ينبغي تبيينها:
أوّلاً: إنّ ضمّ مختلف النصوص في باب الصوم والصائم لبعضها يفيد حكماً تحفّظياً تحرّزياً راجحاً غير ملزِم، وهو أن يكون الصائم مراعياً أن لا يقترب مما يمكن أن يوقعه في المفطر من حيث لا يشعر أو لا يقصد، أو يضطرّه للوقوع فيه، كما لو أوقعه في الضعف الجسدي المفضي للإفطار، فهذه القاعدة يمكن القول بثبوتها بتعاضد النصوص الكثيرة ومذاقها على ذلك. أمّا مصاديق هذه القاعدة فهي ليست مكروهاتٍ بعنوانها، فنحن هنا أمام حكمٍ تحرّزي تحفّظي واحد الهدفُ منه عدم الوقوع في المفطر، مثل نزول المني عند ملامسة الزوجة مثلاً، فليس هو مكروهاً قائماً بنفسه على تقدير الوثوق بعدم سبق المنيّ، ولهذا أخّرت الرواية الشيخ الكبير الذي لا يسبقه المنيّ، وركّزت نظرها على الشاب الشبق مميّزةً بينهما. فتأمّل في هذه القاعدة ولاحظ أن مختلف الروايات يمكن أن تكون مجرّد تطبيقات لها، وليست إنشاءات تشريعيّة مستقلّة.
ثانياً: إنّ الاكتحال لم تثبت كراهته بعنوانه، بل هو إن أوجب نزول شيءٍ إلى الجوف مما هو مفطر، حرم وبطل الصوم بذلك، وإلا فلا.
ثالثاً: إنّ روايات كراهة شمّ الرياحين ورد التعليل فيها تارة بأنّها من نوع التلذّذ، وأخرى بأنّ فيها تشبّهاً بسلاطين العجم، ويحتمل أنّ شمّ الرياحين كان وسيلة لرفع العطش أو رفع الإحساس به، كما قيل بأنّه السبب في استخدام الأعاجم له في صومهم قبل الإسلام.
رابعاً: إنّ مسألة كراهة أو استحباب إنشاد الشعر لا تختصّ بالصائم، وفيها بحث طويلٌ وروايات كثيرة متعدّدة، فعلى فرض عدم ثبوت استحبابٍ ولا كراهةٍ مستقلّة لإنشاد الشعر بعنوانه، فإنّه لم يثبت كراهة إنشاده للصائم ولا في شهر رمضان المبارك، ولو فرضنا ثبوت الكراهة هنا فإنّ الاستثناء الذي ذكره الفقهاء في موضوع مراثي ومديح أهل البيت لم يثبت، بل الكراهة ستكون شاملةً لذلك أيضاً، وقد نصّت بعض الروايات التي استدلّ بها على الكراهة على عدم استثناء الشعر الذي يكون في أهل البيت وإن عارضتها رواياتٌ أُخَر في موردها، فراجع.
حيدر حبّ الله
الأحد 21 ـ 8 ـ 2022م