تعدّ هذه النظريّة التوثيقيّة من أوسع النظريّات التوثيقيّة للرواة عند الشيعة الإماميّة، وقد فعّلها الإخباريّون ليستفيدوا منها في توسعة مساحة تصحيح النصوص الحديثيّة.
وخلاصة هذا التوثيق العام أنّ كلّ من ثبت في كتاب رجال الشيخ الطوسي ـ وأضاف بعضهم فهرست النجاشي ـ أنّه من أصحاب الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ عليه السلام ـ فهو ثقة، بلا حاجة إلى نصّ خاص على توثيقه، ولا يُستثنى سوى من ورد النصّ أو الدليل على تضعيفه.
والظاهر أنّ الحرّ العاملي (1104هـ)، من أوائل من طرح بوضوح هذا الرأي، ثم يظهر متابعته من بعض الإخباريّين لاحقاً كالمحدّث النوري وغيره.
وإذا تمّ هذا التوثيق العام، فإنه سوف يُثبت وثاقة قرابة ثلاثة آلاف راوٍ أو يزيد في مصادر الحديث. وهو يُشبه التوثيق العام لأصحاب النبي، وفقاً لنظريّة عدالة الصحابة التي يقول بها جمهور علماء أهل السنّة، ويرفضها جمهور الشيعة.
وتعتمد نظريّة التوثيق هذه على مجموعة نصوص للشيخ المفيد وابن شهر آشوب والشيخ الطبرسي والفتال النيسابوري. لكنّ هذه النظرية تعرّضت لنقد متعدّد الأوجه من قبل العلماء، ولم يوافق عليها مشهور علماء الإماميّة، فضلاً عن غيرهم.
والذي توصّلت إليه هو عدم صحّة هذا التوثيق العام إطلاقاً؛ لسلسلة من الإشكاليّات، ومن ثمّ فكون شخص من أصحاب أو الرواة عن الإمام جعفر الصادق أو عن غيره من الأئمّة، لا يوجب توثيقه ولا تعديله إطلاقاً، بل يحتاج لدليلٍ إضافي على ذلك. وهذه النظريّة إحدى النظريّات التي سعى الإخباريّون من خلالها لرفع معدّل الثقة بالروايات في المصادر الشيعيّة.
وقد بحثتُ حول هذه المسألة في كتابي (منطق النقد السندي 1: 318 ـ 333، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
الخميس 28 ـ 7 ـ 2022م