• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
آراء
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
330 الموقف من مسجد جمكران وأعماله 2022-09-01 2022-08-31 0 858

الموقف من مسجد جمكران وأعماله

مسجد جمكران (أو مسجد صاحب الزمان، وكان يشتهر قديماً باسم مسجد قدمگاه) هو مسجدٌ يقع اليوم في مدينة قم في منطقة جمكران، ويُنسب للإمام المهديّ، ويبعد عن حرم السيدة المعصومة حوالي 10 كيلومترات، كما تُنسب لهذا المسجد أعمال عباديّة ودينية خاصّة. وقد أخذ هذا المسجد شهرةً عظيمة خلال القرن الأخير، وبخاصّة بعد انتصار الثورة في إيران، وصار يحجّ إليه الملايين من الزوار سنويّاً من إيران ومختلف بقاع العالم، بحيث صارت زيارته جزءاً من برامج الزيارة التي يقوم بها الزوّار الكرام. وقد تمّت توسعة المسجد والأبنية والمؤسّسات والمراكز الإدارية التابعة له والباحات وغيرها، بحيث تمّ تصويب وصولها لحوالي 250 هكتاراً.

وقد ورد في المنقولات التاريخيّة أنّ الفيض الكاشاني وولده والشيخ البهائي والشيخ محمد تقي المجلسي كانوا يزورون هذا المسجد، وهذا يعني أنّه في العصر الصفوي بدأ هذا المسجد يتخذ حيزاً من الوجود، وبخاصّة في أوساط علماء عُرف عنهم النزعة الروحيّة أو ما يقترب منها. لكن في العصر الحديث تحوّل هذا المسجد إلى محجّة للعديد من العلماء ومراجع التقليد والفقهاء، وصار مصدراً لنقل الكرامات وما يشبهها.

والذي توصّلتُ إليه أنّه لا شكّ في عدم جواز هتك حرمة هذا المسجد من حيث هو مسجد، ولا شكّ في استحباب الصلاة فيه من حيث هو مسجد أيضاً كسائر مساجد المسلمين. أمّا إثبات انتسابه ـ بشكلٍ أو بآخر ـ للإمام المهدي، فضلاً عن وجود أعمال مستحبّة خاصّة به موقّتة (ليلة الأربعاء أو النصف من شعبان..) أو غير موقتة، أو صلاة بكيفيّة خاصة باسم صلاة صاحب الزمان أو إرسال رسائل للإمام المهدي عبر البئر المخصّصة لذلك، أو غير ذلك، فهذا كلّه مما لا يوجد عليه دليلٌ معتبر بعنوانه.

والمجال لا يسمح لي كثيراً بالتوسّع في الحديث هنا، لكن لا بأس بالإشارة المختصرة لبعض النقاط فقط:

1 ـ إنّ السند التاريخي الأساس لربط هذا المسجد بالإمام المهدي هو القصّة المعروفة للحسن بن مثلة الجمكراني مع الإمام المهدي، والتي وقعت له عام 393هـ (أي في عصر الغيبة الكبرى وفق التصنيف السائد)، وأنّ المهديَّ طلب منه بناء مسجدٍ هنا حتى يتردّد عليه الناس.

المصدر المتوفّر بين أيدينا لنقل هذه القصّة هو الشيخ حسين النوري (1320هـ) في كتابَيه: جنّة المأوى، والنجم الثاقب، وغيرهما، بالنقل عن مخطوطةٍ للسيد نعمة الله الجزائري (وفي بعض كتبه نقلها عن محمّد مهدي بن علي نقي الحسيني القمي (1116هـ)..)، وأنّ الجزائريَّ قام بنقلها عن النصّ المترجم للفارسيّة من كتاب “تاريخ قم” للحسن بن محمد بن الحسن القمي المعاصر للشيخ الصدوق (381هـ)، وأنّ القمي هذا قام بنقل القصّة من كتاب “مؤنس الحزين” للشيخ الصدوق نفسه. كما نسب النوري نقلها في “مستدرك الوسائل” لابن الوحيد البهبهاني (الوحيد البهبهاني متوفى عام 1205هـ).

كما نقل هذه القصّة الشيخُ محمد الكچوئي (1335هـ) في كتابه “أنوار المشعشعين في تاريخ قم والقميين”، بالنقل عن كتاب “خلاصة البلدان” للسيد محمد الرضوي القمي (ق 11هـ)، الذي نقلها بدوره عن “مؤنس الحزين” للشيخ الصدوق.

ملاحظة: يتصوّر بعض الناس أنّ العلامة المجلسي نقل هذه القصّة؛ لأنّها موجودة اليوم في الجزء الثالث والخمسين من الطبعة الجديدة من كتاب بحار الأنوار، لكنّه بعد التدقيق يُعلم أنّ القصة هي جزءٌ من كتاب “جنّة المأوى” للمحدّث النوري، المطبوع في كتاب البحار، فانتبه.

هذه القصّة تواجه مشاكل كثيرة، وسأشير باختصار بالغ لبعضها فقط، مثل:

أ ـ إنّ كتاب تاريخ قم في أصله العربي غير موجود الآن، والموجود هو الترجمة الفارسية للكتاب، والتي وقعت عام 865هـ على يد الحسن بن علي بن الحسن القمي، ولكنّها غير كاملة، والمقدار الموجود من هذا الكتاب بالفارسيّة لا توجد فيه هذه القصّة إطلاقاً. بل الراجح من مقارنات نقولات النوري أنّ إبهاماً عجيباً يلفّ الموضوع في نوعيّة المصادر المستقى منها القصّة وتحديدها، وكيف تمّ نقل القصّة بما يستدعي تطويلاً لا يسمح به المجال الآن.

ب ـ لا عين ولا أثر لمخطوطة الجزائري التي يُتكلّم فيها أو تُنقل فيها هذه القصّة.

ج ـ لا يوجد للشيخ الصدوق كتاب باسم مؤنس الحزين، ولم يذكره أحد من علماء الفهارس والرجال والتراجم رغم تفصيلهم كتب الصدوق نفسه، بل إنّ القصّة لو وقعت عام 393هـ فكيف ينقلها الشيخ الصدوق المتوفى عام 381هـ؟! إلا إذا قلنا بوجود تصحيف وأنّ الصحيح هو 373هـ أو 293هـ كما قيل.. نعم ابن الفتال النيسابوري (508هـ) لديه كتاب بهذا الاسم، ولهذا احتمل بعضهم أنّه حصل خلط واشتباه، لا سيما وأنّ بعض الكتب أشارت للنيسابوري بعنوان “الشيخ الصدوق الفتال النيسابوري” فانتبه، وبخاصّة أنّ هذه ليست هي المرّة الأولى التي يُنسب فيها بالخطأ كتابٌ للشيخ الصدوق، فراجع. وعليه فإذا قلنا بأنّ المصدر هو النيسابوري فهذا يعني أنّ بينه وبين القصّة حوالي نصف قرن أو يزيد من الزمن، ولا نعرف مصدر معلوماته عنها، بل لا يوجد بين أيدينا أيّ كتاب للنيسابوري ينقل فيه هذه القصّة!

د ـ لا نملك أيّ معلومات عن مصادر القصّة في كتاب “خلاصة البلدان”.

هـ ـ لم يذكر أحد شيئاً عن أعمالٍ مستحبّة مخصوصة بهذا المسجد أو البقعة، فلا عين ولا أثر لهذا المسجد في كتب الأدعية والزيارات، ولا في كتب الفقه والآداب، من نوع: كامل الزيارات، ومصباح المتهجّد، وكتب السيد ابن طاوس، وابن فهد الحلّي، والكفعمي وغيرهم، بل أصحاب الموسوعات الكبرى في التراث الإمامي مثل العلامة المجلسي والسيد هاشم البحراني وأمثالهما لم يشيروا لشيء من هذا القبيل لا في قصّة المسجد ولا حول أعمالٍ مندوبة ترتبط به بخصوصه، بل حتى الشيخ عباس القمي لم ينقل القصّة في “مفاتيح الجنان”، وإنّما نقلها في كتاب “الباقيات الصالحات” فقط، الذي هو بمثابة الحاشية والمستدرك.

و ـ يدّعي العديد من الباحثين المتخصّصين في مجال دراسات تاريخ المساجد أنّه لا ذكر في التاريخ لهذا المسجد من قبل الكتّاب والعلماء الذين يتحدّثون عن المساجد وأنّ أوّل مرّة نجد فيها ذكراً لهذا المسجد هو في كتاب “خلاصة التواريخ” في القرن العاشر الهجري، أي بدايات العصر الصفوي. علماً أنّ الحجر القديم الموجود في المسجد والذي عليه إشارة للبناء وتاريخه، يشير بوضوح لبناء المسجد أو إعادة بنائه عام 1167هـ.

ز ـ إنّ الحسن بن مثلة الجمكراني شخصٌ لا ذكر له في أيّ كتابٍ تاريخي ولا حديثي ولا رجالي ولا فقهي ولا فهرستي ولا كتاب تراجم ولا غير ذلك من كتب المسلمين، فهو مجهول جهالةً تامّة. واللافت أيضاً أنّه لا ذكر له حتى في الكتب المتعلّقة بالمهدويّة والغيبة وغير ذلك إلا في العصر الحديث. مع أنّ المعروف أنّ الشيعة كانوا بحاجة خلال القرن الثالث إلى الخامس الهجري لجمع أيّ قصّة ترتبط بملاقاة الإمام المهدي؛ لرفع إشكاليّة عدم ولادته من جهة وعدم الفائدة من وجوده من جهة ثانية.

ح ـ جوهر القصّة فيها قدر من الإبهام، والعلماء مختلفون في أنّها منام أو يقظة، والسبب هو اضطراب التعابير وتحوّلها بحيث يلتبس الأمر بعض الشيء.

أكتفي بهذا القدر من التعليق على القصّة، إذ مجال التعليق على متنها الداخلي مفتوحٌ أيضاً.

2 ـ إنّ وجود معاجز وكرامات في هذا المسجد، لا يبرّر ربطه بالإمام المهدي أو إعطاءه خصوصيّة إضافيّة، فضلاً عن خصوصيّة تشريعيّة من هذا النوع، خلافاً لما أفاده أمثال السيد موسى الشبيري الزنجاني، فلو سلّمنا تحقّق كرامات وتمّ التثبّت منها، فهذا لا ربط له بالمسجد بالضرورة، بل لعلّه مرتبطٌ بالعلاقة بين الشخص وبين الإمام، غايته أنّ الشخص يعتقد أنّ الإمام مرتبطٌ بالمسجد، فلاحظ ودقِّق.

3 ـ إنّ زيارة العلماء المتأخّرين لهذا المسجد وحديثهم عن حالاتٍ روحيّة لهم فيه، هو الآخر ليس بدليل، لا من الناحية التاريخيّة ولا الواقعيّة ولا الفقهيّة الشرعيّة، فلعلّ هذا ناتج عن اعتقادهم أو ارتباطهم بالإمام روحيّاً، فضلاً عن أنّ سيرة العلماء ـ كما قلنا مراراً ـ لا يُحتجّ بها بل يُحتجّ لها، وبخاصة أنّه لا عين ولا أثر لهذه القضيّة قبل القرن العاشر الهجري. ومن هنا يظهر غرابة دعوى أنّ قصّة المسجد ـ فضلاً عن أعماله ـ هو أمرٌ مسلّم متلقّى بين الشيعة جيلاً بعد جيل، فقبل العصر الصفوي لا نجد شيئاً يُذكر يمكنه إثبات ذلك.

وفي الختام، فإنّ بعض المنقولات الشفويّة تفيد أنّ رأي السيد علي السيستاني، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيد كاظم الحائري، والسيد روح الله الخميني، أنّهم لا يعتقدون بوجود أيّ خصوصيّة إضافيّة لمسجد جمكران، لكنّني لا أملك دليلاً على صحّة هذه المنقولات، فيحتاج الأمر للتثبّت بشكل رسمي عبر قنوات موثوقة وواضحة، وبخاصّة أن بعض هؤلاء العلماء يُنقل عنهم العكس، مثل السيد الخميني والشيخ اللنكراني، والله العالم.

حيدر حبّ الله

الخميس 1 ـ 9 ـ 2022م

comments are closed

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36825867       عدد زيارات اليوم : 6150