ذهب بعض فقهاء الإماميّة، بل المعروف أنّه المشهور بين المتقدّمين، إلى أنّ الرجل لو قارب زوجته وهي حائض لزمته ـ هو دونها ـ كفّارة، وهي عبارة عن دينار لو كانت المقاربة في أوّل الحيض، ونصف دينار في وسطه، وربع دينار في آخره.
لكنّ الكثير من الفقهاء المتأخّرين عدلوا عن هذا الرأي، بل قيل بأنّ المشهور بين المتأخّرين صار عدم الوجوب، على الأقلّ بهذه الكيفية. وبمراجعة كلمات متأخّري المتأخّرين نجد أنّ:
أ ـ بعضهم احتاط وجوباً، مثل: السيد أبو الحسن الإصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيد روح الله الخميني، والشيخ محمد تقي بهجت، والشيخ محمد علي الأراكي وغيرهم.
ب ـ وبعضهم أفتى بالاستحباب أو عبّر بأنّه الأولى، مثل: الشيخ ضياء الدين العراقي، والشيخ محمّد رضا آل ياسين، والشيخ علي الجواهري، والسيّد أحمد الخوانساري، والسيد محمّد الفيروزآبادي، والسيّد محمّد رضا الگلپايگاني، والشيخ محمد أمين زين الدين، والشيخ حسين علي المنتظري، والسيد محمد حسين فضل الله، والشيخ لطف الله الصافي، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ولعلّه الظاهر من السيد محمّد سعيد الحكيم.
ج ـ وبعضٌ ثالث احتاط استحباباً، مثل: السيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمّد باقر الصدر، والسيد محمد الروحاني، والسيد محمد محمد صادق الصدر، والشيخ وحيد الخراساني، والشيخ يوسف الصانعي، والسيّد محمود الهاشمي، والسيد علي السيستاني، والسيد صادق الشيرازي. وهو ظاهر السيد موسى الشبيري الزنجاني.
وصرّح الشيخ محمّد إسحاق الفياض بعدم ثبوت الكفّارة.
أمّا الفقه السنّي، فالمعروف عند الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة ـ وهو رواية عن أحمد ـ أنّه لا تثبت كفارة هنا، فيما روي عن أحمد بن حنبل في رواية ثانية، وذهب إليه الكثير من الحنابلة، ثبوتُ الكفّارة، وأنّها عبارة عن التصدّق بدينار أو بنصف دينار.
والذي توصّلت إليه ـ والعلم عند الله ـ هو عدم ثبوت الكفارة في مورد مقاربة الحائض مطلقاً، لا بنحو الوجوب، ولا بنحو الاستحباب، فالأخبار الصحيحة نفت ثبوت الكفارة، والروايات التي أثبتتها يوجد فيها، فضلاً عن بعض المناقشات السنديّة، تعارضٌ وتنافٍ، والحصيلة صعوبةُ تحصيل خبر موثوق الدلالة والصدور، والتفصيل في محلّه.
حيدر حبّ الله
الجمعة 7 ـ 4 ـ 2023م