كتاب «مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة» من الكتب المنسوبة للإمام الصادق عليه السلام، وقد طبع بشكل منفصل، كما وضعه المحدّث النوري (1320هـ) في قائمة مصادر كتابه «مستدرك الوسائل». ويبدو أنّ من أقدم من تحدّث عن هذا الكتاب كان ابن طاووس (664هـ) الذي وصفه بالكتاب اللطيف الشريف، وكذلك الشهيد الثاني (965هـ) الذي أَكْثَرَ من النقل عنه في بعض كتبه الأخلاقيّة، كما جعله أحد مصادره ابنُ أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي..
لكنّ بعض العلماء تحفّظوا على هذا الكتاب، فلم يدرجه الشيخ الحرّ العاملي في مصادر كتابه “تفصيل وسائل الشيعة”، كما ارتاب فيه العلامة المجلسي (1111هـ)، واعتبر أنّ أسلوبه لا يشبه سائر كلمات أهل البيت، واعتبر الشيخ مسلم الداوري المعاصر أنّ نسبته إلى الإمام غير محرزة، بل قال الآغا بزرك الطهراني (1389هـ): «ورأيت نسخة كتب في حاشيتها نقلاً عن خطّ الشيخ سليمان الماحوزي، ما سمعه الشيخ سليمان عن العلامة المجلسي، أنه كان يقول المجلسي أن مؤلّف (مصباح الشريعة) هو شقيق البلخي». وقد ألّف السيد حسن الصدر (1351هـ) رسالةً في أنّ مؤلّف هذا الكتاب هو سليمان الصهرشتي تلميذ السيد المرتضى اختصره من كتاب شقيق البلخي. كما اعتبر السيد الخميني أنّه لا يُعلم كون هذا الكتاب رواية أصلاً، وأنّه لا يبعد أن يكون من أعمال بعض أهل العلم والحال والتصوّف الروحي.
والذي توصّلتُ إليه هو عدم ثبوت نسبة هذا الكتاب للإمام جعفر الصادق، فلا توجد معلومات حول هذا الأمر، كما لا يوجد أيّ سند أو طريق، ولم تتمّ الإشارة لهذا الأمر في أيّ من الكتب القديمة، كما أنّ متن ونمط تعابيره لا ينسجم في أحيان كثيرة مع نصوص الإمام الصادق في النصف الأوّل من القرن الثاني الهجري. وعليه فلا يمكن التعامل معه على أنّه روايات معتبرة ما لم يعتضد نصٌّ منه هنا أو هناك بعاضدٍ.
وقد تحدّثتُ باختصار عن هذا الكتاب في أكثر من موضع، فراجع: (إضاءات 1: 283 ـ 285، الطبعة الأولى، 2013م؛ وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 92 ـ 94، الطبعة الأولى، 2014م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 20 ـ 7 ـ 2022م