يعدّ “كتاب الضعفاء” للشيخ أبي الحسين، أحمد بن الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري البغدادي، المشهور بـ(ابن الغضائري) (ق 5هـ)، من المصادر الرجاليّة الأولى عند الشيعة الإماميّة، وقد كان ابن الغضائري معاصراً للشيخين: النجاشي والطوسي؛ بل كان زميلاً للنجاشي عند أبيه الحسين بن عبيد الله.
وقد ذكرت مجموعة من المصنّفات لابن الغضائري، وهي: 1 ـ فهرست المصنّفات. 2 ـ فهرست الأصول. 3 ـ كتاب الممدوحين. 4 ـ كتاب التاريخ. 5 ـ الرسالة. 6 ـ كتاب الضعفاء، وهو الذي نتحدّث عنه الآن. والراجح أنّ ما ثبتت نسبته لابن الغضائري هو فهرستيه مع كتاب الضعفاء، وأمّا الباقي فهو محتملٌ، ويختلف احتماله قوّة وضعفاً.
يختصّ هذا الكتاب بذكر مجموعةٍ من الضعفاء، وقد بلغ عددهم في التصحيح الأخير للكتاب 159 رجلاً، واستدرك محقّق الكتاب السيد محمّد رضا الجلالي ما نُقل عن ابن الغضائري من كتب أخرى، مما ليس موجوداً في هذا الكتاب، فزاد 66 اسماً، لكنّ بينها ـ كأسماء لا معلومات حول الأسماء ـ وبين ما في الكتاب تداخلاً، ولعلّ الجديد في الأسماء نفسها يقارب 25 اسماً.
وقد وقعت نقاشات بين العلماء هنا:
1 ـ وقع خلاف بين العلماء في: من هو مؤلّف كتاب الضعفاء؟ فقيل بأنّه للأب، أعني الحسين بن عبيد الله الغضائري، وقيل بأنّه الابن، وهو أحمد بن الحسين، والرأي الثاني هو الأشهر.
2 ـ اختلفوا في وثاقة المؤلّف على تقدير كونه الابن، بعد الاتفاق على وثاقة الأب.
3 ـ اختلف الموقف من هذا الكتاب من حيث صحّة نسبة النسخة التي بين أيدينا اليوم هل هي مطابقة لنسخة كتاب الضعفاء لابن الغضائري أو لا؟ فقد ناقش قوم في ذلك مثل السيد الخوئي، فيما انتصر له آخرون مثل السيد السيستاني.
4 ـ وقع الخلاف بينهم من حيث قيمة محتويات الكتاب، حيث رفضه بعضهم نتيجة كثرة التضعيفات فيه، وقد اتُّهم بالتسرّع في الجرح وكثرة النقد لكبار الرواة، وأنّه كان يؤمن بفهم خاصّ لقضيّة الغلوّ ونقد الغلاة وغير ذلك، حتى أنّ بعض العلماء احتمل أنّ الكتاب من وضع النواصب على ابن الغضائري لتشويه التشيّع.
والذي توصّلتُ إليه:
أ ـ إنّ الراجح هو أنّ الكتاب للابن لا للأب.
ب ـ إنّ الراجح من خلال مجموعة شواهد أنّ الابن ـ كالأب ـ عالمٌ ثقة.
ج ـ إنّ الظنّ يغلب على أنّ نسخة الكتاب التي بين أيدينا اليوم مطابقة لكتاب ابن الغضائري، لكنّ النفس لا تقرّ ولا تحصل على طمأنينة بذلك، لنقص الشواهد، فنتعامل معه معاملة مظنون النسبة؛ لتتكوّن من ذلك درجة احتماليّة في إخباراته، طبقاً لمسلك الوثوق في علم الرجال.
د ـ إنّ التهم التي وجّهت للكتاب أو لصاحبه من حيث كثرة تضعيفاته، كلّها قابلة للنقاش وبالأرقام، وقد فصّلنا الحديث عن ذلك في محلّه.
ولمزيد توسّع، راجع كتابي: (منطق النقد السندي 3: 380 ـ 427، الطبعة الأولى، 2020م؛ ودروس تمهيديّة في تاريخ علم الرجال عند الإماميّة: 132 ـ 142، الطبعة الأولى، 2013م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 15 ـ 6 ـ 2022م