• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
آراء
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
76 الموقف من ظاهرة الدمج بين الفتوى وتدخّل المفتي في الموضوعات 2021-11-20 2021-11-20 0 1604

الموقف من ظاهرة الدمج بين الفتوى وتدخّل المفتي في الموضوعات

يقسّم الفقهاء الموضوعات بتقسيمٍ ثنائي معروف عند المتأخّرين، وهو الموضوعات المستنبَطَة والموضوعات الخارجيّة (أو الصرفة)، ففي الأوّل يعتبرون تعيين الموضوع المستنبَط من شؤون الفقيه، مثل تعيين ما هو المراد بالغناء أو الصعيد في النصوص الدينيّة التي تحدّثت عن الغناء أو عن التيمّم. أمّا الموضوع الخارجي ـ مثل تعيين أنّ هذا السائل الذي في الكأس التي أمامي هل هو خمر أو ماء ـ فلا حجيّة لقول الفقيه فيه بما هو فقيه، بل هو من مسؤوليّات المكلّف نفسه ونطاق عمله ومجال قناعاته. ويفصّل بعض الفقهاء ـ مثل السيد كاظم اليزدي ـ بين الموضوعات المستنبطة العرفيّة واللغويّة فلا تقليد فيها عنده، والموضوعات المستنبطة الشرعيّة فيجب فيها التقليد، فيما يخالفه كثيرون في هذا التفصيل.

لستُ هنا بصدد البحث عن هذا الموضوع، بل أريد الإشارة إلى ظاهرة يبدو لي أنّها أخذت بالحضور والانتشار في النشاط الفقهي والفتوائي، وبخاصّة عند المتأخرين في القرنين الأخيرين، وهو أنّ الفقيه يقوم بتطبيق الحكم الكلّي على حالة خارجيّة، كتطبيق الإضرار على التدخين أو تطبيق عنوان الهتك على دفن الميّت المسلم في مقابر غير المسلمين، وبدل أن يقول: يحرم التدخين إذا كان مضرّاً، يوجّه فتواه مباشرةً إلى المصداق فيقول: يحرم التدخين، أو يقول: يحرم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين، أو يحدّد هو هل عقاقير الأدويّة كورد لسان الثور أو قشور الفواكه ممّا يؤكل فلا يجوز السجود عليه أو لا؟ مع أنّ المفروض ـ وفقاً للقواعد الاجتهاديّة الصحيحة ـ أن لا يكون لتطبيقه هذا أيّ حجيّة على المكلّفين؛ لأنّه ليس من الموضوعات المستنبطة إطلاقاً. وهذه ظاهرة لا تظهر للناس؛ لأنّ الناس تتلقّى الفتاوى بصيغها النهائيّة، لكنّها تظهر عندما يجري التفتيش من قبل المختصّ على سبب الفتوى ومستندها، فيتمّ اكتشاف هذه الثغرة.

ووفقاً لمتابعتي الشخصيّة المتواضعة، فقد رأيت عشرات الموارد من هذا النوع في الفتاوى الموجودة في الرسائل العمليّة وكتب الاستفتاءات، بل أقترح لمن يرغب من طلاب العلوم الدينيّة أن يأخذ هذا العنوان كأطروحة دكتوراه ليدرس فيه ظاهرة تدخّل الفقهاء في الموضوعات غير المستنبطة وكيفيّة إنتاج ذلك لفتاوى كثيرة، يُفترض أن لا تكون فيها أيّ حجيّة بما هي فتوى.

وقد يحاول بعضٌ تبرير هذه الظاهرة بأنّ الناس لا يعرفون الموضوع الخارجي جيّداً، وقد يضطربون فيه، وهذا ليس بتبرير ما لم يصل الاضطراب إلى حدّ الهرج والمرج والفساد العامّ في الشؤون المجتمعيّة، فكلّ شخص عليه بما قامت الحجّة عليه فيه، وعلى الفقيه توجيهه كيف يعمل على تشخيص الموضوعات، لا أن يقوم بالنيابة عنه في ذلك. بل إنّني أعتقد ـ ومن زاوية علم اجتماعيّة ـ أنّ بعض المجتمعات ميّالة للعقل المستقيل، فلا يريدون أن يفكّروا هم في تشخيص الموضوعات، فدائماً عند كلّ صغيرة وكبيرة يجب أن يقول لهم أحد ماذا يفعلون. ولهذا نجد في كتب الاستفتاءات عشرات الموارد التي تظهر فيها أسئلة ينبغي أن لا يكون الجواب عنها من وظائف الفقيه بل جوابه بنفسه لا حجيّة فيه بما هو فتوى؛ لكنّ المكلّف اعتاد على الإحساس بالقلق لو قام هو بالتشخيص، ولهذا اشتهر بين الناس: ضعها في رقبة الفقيه واسترح أنت.

والذي توصّلتُ إليه بذهني القاصر، هو خطأ هذه الظاهرة وضرورة إجراء عمليّات تصفية وإعادة تنظيم للغة الفتوائيّة، وبخاصّة أنّ تطبيقات الفقهاء في كثير من الأحيان تتبع عرفهم هم، وبعضها يتبع المحيط المجتمعي الخاص الذي يعيشون فيه، كما في بعض تطبيقاتهم المتعلّقة بالعلاقات بين الجنسين وبقضايا المرأة وبقضايا علاقات المسلمين بغيرهم في الدول الأجنبيّة، فيما الأمر قد يختلف ويتخلّف على امتداد الزمان والمكان، فلا يكون العرف الذي يتراءى للفقيه دقيقاً ومطلقاً في بعض الأحيان.

من هنا، أعتقد بأنّ أحد أسباب وصولي شخصيّاً لنتائج فقهيّة كثيرة مخالفة للسائد في لغة الفتاوى الحاليّة، هو عدم اعتقادي بصحّة منهج إقحام الفقيه والفتوى في مجال الموضوعات الخارجيّة، ما لم يكن الأمر في دائرتَي: الحكم الولائي العام أو الحكم القضائي الخاصّ، مما له مساحته الخاصّة المقرّرة في الشرع الحنيف.

حيدر حبّ الله

السبت 20 ـ 11 ـ 2021م

comments are closed

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36700613       عدد زيارات اليوم : 2951