ذهب الكثير من الفقهاء ـ من السنّة والشيعة ـ إلى اشتراط صحّة القراءة (للفاتحة وما بعدها من سورةٍ أو آية) في إمام الجماعة، فلو كان يعاني من مشاكل في النطق بحيث لا تخرج الحروف بطريقة صحيحة أو يبدل حرفاً بحرف أو يلحن في القراءة مع عدم قدرته على التأدية الصحيحة، فإنّه لا يصحّ أن يكون إماماً للجماعة، ولهم في هذا بعض التفصيلات من نوع إمامته لمن هو مثله أو إمامته لصحيح القراءة في الركعة الثالثة وما بعدها وغير ذلك.
ومن أبرز من خالف المشهور في هذه المسألة ـ على المستوى الفتوائي ـ الشيخُ يوسف الصانعي الذي اعتبر في تعليقته الفتوائيّة على تحرير الوسيلة أنّه مقتضى الاحتياط الاستحبابي لا أكثر. كما أنّ السيّد محمّد الروحاني والشيخ محمّد تقي بهجت لم يفتِيا في المسألة، بل بنياها على الاحتياط الوجوبي. ويلوح من المحقّق العراقي عدم الاقتناع بالمسألة أيضاً وذلك في تعليقته الاستدلاليّة على العروة. أمّا السيّد محمّد سعيد الحكيم فله تفصيل وهو أنّه إذا كانت الصلاة إخفاتيّةً صحّ الائتمام ولزم المأموم أن يقرأ القراءة لنفسه، وأمّا لو كانت الصلاة جهريّةً فإنّ شرط صحّة القراءة في الإمام ضروريٌّ على الأحوط وجوباً عنده. وعلى مستوى البحوث العلميّة ثمّة مناقشات في القضيّة وأخذٌ وردّ.
والذي توصّلتُ إليه هو أنّ عدم صحّة القراءة إذا كانت ناتجةً عن تقصير الإمام لم يصحّ الائتمام به، كما لو كان عربيّاً أو من غير العرب ولا يتلفّظ الألفاظ العربيّة بشكلٍ صحيح لكنّه كان قادراً على التعلّم والتمرّن وتحصيل النطق الصحيح، ومع ذلك لم يفعل. وأمّا إذا كان غير قادر لا عن تقصير، بحيث مهما تعلّم أو حاول فلن يقدر على النطق الصحيح التامّ، فإنّ الائتمام به مطلقاً صحيحٌ وتجري عليه أحكام الجماعة، بلا حاجةٍ لأن يقرأ المأموم خلفه، لا في صلاةٍ جهريّةٍ ولا إخفاتيّة.
حيدر حبّ الله
الجمعة 15 ـ 10 ـ 2021م