تحدّث الفقهاء في باب النيابة في العبادات ـ كالحجّ ـ عن إمكانيّة أن يكون النائب غير منتمٍ للمذهب الخاصّ للمنوب عنه، وقد اشترط بعض فقهاء الإماميّة أن يكون النائب إماميّاً، فلا ينوب سنّيٌ عن شيعي، وإن كان المشهور إلى القرن العاشر الهجري هو نفي هذا الشرط. والظاهر حصول نوع من التوافق على اشتراط الإسلام في النائب، غير أنّهم اختلفوا في اشتراط الانتماء المذهبي الخاصّ فيه.
والذي توصّلتُ إليه هو عدم اشتراط الانتماء المذهبي الخاصّ في النيابة في العبادات، فضلاً عن الإجارة، على أن يأتي النائب بالعبادة صحيحةً عند المنوب عنه، بحيث لا يخلّ فيها بأمرٍ يكون مُبطلاً لها عند المنوب عنه ولو تحقّقت عن جهلٍ أو نسيان، فلو كان الإخلال عند المنوب عنه مبطلاً للفعل ولو صدر عن جهل أو نسيان أشكل الأمر.
وقد استند الفقهاء هنا إلى أدلّةٍ بعضُها مشترك بين شرط الإسلام وشرط المذهبيّة، وبعضها الآخر مختصّ بأحدهما، أمّا على المستوى القرآني فلا شيء يمكنه أن يُثبت هذا الشرط مباشرةً، وأمّا على مستوى السنّة فالعمدة عندهم روايتان: خبر مصادف، ورواية عمار الساباطي، وفي الخبرين نقاشٌ سنديّ واضح، يمكن مراجعته، بل إنّ خبر مصادف ذكر قيد الإسلام على أبعد تقدير، وتفسيره بأنّ المراد به الانتماء المذهبي الخاصّ يحتاج لقرينة.
وأمّا دعوى أنّ غير الشيعي لا يُقبل منه عمل ولا يثاب عليه، فلو سلّمنا ذلك، فلا علاقة له ـ على الرأي الأقوى بنظري، والذي ذهب إليه الكثير من المتقدّمين وبعض المتأخّرين ـ بصحّة الفعل، وبخاصّة صحّة الفعل عن المنوب عنه هنا وثبوت الأجر له بصرف النظر عن النائب.
وأمّا دعوى نفي وجود إطلاقات في أدلّة شرعيّة النيابة تشمل نيابة غير المنتمي للمذهب الخاصّ، فهي أيضاً غير واضحة؛ إذ أدلّة النيابة عامّة ومطلقة من هذه الناحية، كما أقرّ بذلك غير واحدٍ من الفقهاء.
حيدر حبّ الله
الجمعة 6 ـ 5 ـ 2022م