يميل بعضٌ إلى توثيق رواة وتصحيح روايات كتاب “المصباح” للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمّد بن صالح العاملي الكفعمي المتوفّى في القرن العاشر الهجري، اعتماداً على مقدّمة الكتاب، وهو من كتب الأدعية والأذكار والزيارات والمندوبات وأمثالها.
كما يذهب بعضٌ إلى الأمر نفسه في حقّ كتاب “الاحتجاج”، للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.
ويرى جماعةٌ أيضاً الأمر عينه في كتاب “دعائم الإسلام”، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمّد بن منصور التميمي المغربي، الذي عاش في القرنين الثالث والرابع الهجرييّن، وعُرف عنه أنّه كان قاضياً في الدولة الفاطميّة، ووقع نقاشٌ في كونه إماميّاً أو إسماعيليّاً.
وهذه الكتب الثلاثة أغلب رواياتها وردت فيها مرسلةً تفتقر إلى بيان الأسانيد والمصادر.
وبناءً على هذه الآراء الثلاثة فإنّ جميع روايات هذه الكتب الثلاثة صحيحة ـ رغم الإرسال ـ إلا ما خرج بالدليل، وجميع الرواة بعد العثور على الطرق موثقون إلا ما خرج بالدليل.
والذي توصّلتُ إليه ـ وفاقاً لجمهور العلماء في هذه القضيّة ـ هو عدم ثبوت وثاقة رواة هذه الكتب الثلاثة ولا تصحيح رواياتها، بل هي كأيّ كتابٍ آخر مليء بالروايات المرسلة، تحتاج إلى رصد المتون والمصادر والأسانيد والمخارج والشواهد والمتابعات؛ للنظر في كلّ رواية على حدة. بل اللافت أنّ بعض مؤلّفي هذه الكتب لا تُعلم خبرويّتهم في مجال النقد الحديثي وعلم المصادر والرجال والنُّسَخ حتى تصنّف كتبهم من كتب الدرجة الأولى بهذه الطريقة. بل بعض عبارات الطبرسي في مقدّمة الاحتجاج واضحة في أنّ معياره النظر في المتن ومعقوليّته، لا في المصادر ولا في الأسانيد ولا غير ذلك، فهو لا يقصد التصحيح السندي والمصدري كما يفعل الخبير في مجال الحديث والتراث والتاريخ، بل التصحيح القائم على الموافقة المتنيّة عنده. بل قد ألمح الشيخ حسين علي المنتظري إلى مشكلة عامّة في كتاب الدعائم ـ إضافة لعدم ذكر صاحبه في كتب الرجال القديمة ـ أنّه لم نجد أحداً من علماء الإماميّة المتقدّمين ـ خاصّة الشيخ الطوسي ـ قد اعتمد على هذا الكتاب أو خرّج منه رواية أو ذكره في هذا السياق، ولعلّ هذا يوجب شيئاً من هجرانهم له وفقاً لرأي المنتظري.
وقد بحثتُ حول هذه الكتب الثلاثة في كتابي (منطق النقد السندي 1: 620 ـ 623، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
الاثنين 22 ـ 8 ـ 2022م