حاول بعضٌ وضعَ كتاب “فلاح السائل ونجاح المسائل” للسيّد عليّ بن موسى بن طاوس (664هـ)، ضمن الكتب التي يُحكم بصحّة رواياتها ووثاقة رواتها؛ اعتماداً على نصّ المؤلّف في المقدّمة.
لكنّ الذي توصّلتُ إليه هو عدم ثبوت قاعدة حديثيّة بصحّة روايات هذا الكتاب، ولا قاعدة رجاليّة بوثاقة الرواة، بل هو كأيّ كتاب آخر يجب البحث في رواياته بشكل منفرد؛ للنظر في صحّة هذه الرواية أو تلك على معايير التصحيح المعتمدة عند الباحث. بل إنّ هذه المقدّمة نفسها التي وضعها في كتابه، تكشف لنا بشكل جليّ جدّاً كم كان السيد ابن طاوس متسامحاً للغاية في أمر الروايات وتصحيحها ونقلها والعمل عليها، الأمر الذي يبيّن أنّ منهجه في التعامل مع الروايات بلغ في التسامح مبلغاً كبيراً.
وقناعتي الشخصيّة أنّ السيد ابن طاوس لعب دوراً كبيراً في ضخّ نمط مختلف في التعامل مع التراث بين الإماميّة في زمانه وبعد ذلك، بحيث تستحق شخصيّته دراسات جادّة ومطوّلة لرصد دوره وتأثيراته على بعض من مناهج التفكير الدينيّة لاحقاً وعلى التراث الحديثي أيضاً، وبالتحديد في مجال الأمور الأخلاقيّة ومجال الآداب والعادات الدينيّة والسنن والسلوكيّات، لاسيما في ضوء التأثير المعنوي لشخصيّته الزهديّة والتقويّة، بعيداً عن لغة المجاملات والمديح من جهة ولغة التشويه والتسقيط من جهة أخرى، وبخاصّة أنّ عصره يعتبر من العصور الحسّاسة جداً في التاريخ الإسلامي العام، وتاريخ الفكر الإسلامي أيضاً.
وقد بحثتُ حول هذا الموضوع في كتابي (منطق النقد السندي 1: 616 ـ 620، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
الأحد 31 ـ 7 ـ 2022م