ممّا يُذكر في التوثيقات العامّة رواة كتاب “المقنع” للشيخ الصدوق (381هـ)، ويُستند في ذلك إلى نصّ كلامه في مقدّمة هذا الكتاب، حيث فهم بعضهم منه أنّ كتاب المقنع هو كتاب فتوى بنصّ الروايات، لهذا أدرجوه في “الفقه المنقول أو المأثور”، حيث كانت الفتوى عبارة عن نصوص الروايات بعينها، ومن ثمّ فيكون الشيخ الصدوق قد ذكر نصوص الروايات هنا مع حذف الأسانيد، وإن تدخّل أحياناً في بعض الشرح والتوضيح. وقد أخذ رواياته من كتب الأصول الحديثيّة، وحيث إنّه شهد بوثاقة مأخذه ـ حسب مقدّمته ـ وهم العلماء المشايخ الفقهاء الثقات، كشف ذلك ـ من جهة ـ عن صحّة هذه الروايات على ما صرّح به المحدّث النوري أيضاً (القاعدة الحديثيّة)، وكذلك كشف ـ من جهة أخرى ـ أنّ الرواة ثقات، لكن حيث لم يذكر الرواة في الكتاب فنرجع إلى سائر كتب الصدوق، فما وجدناه مطابقاً في المتن للنصّ الموجود في المقنع، نظرنا في إسناده، وقلنا بأنّه يحتوي الرجال الثقات، وبهذا نثبت وثاقة الكثير من الرواة عبر هذه السبيل (القاعدة الرجاليّة).
وقد اختار بعض المعاصرين هذا الرأي أيضاً على الصعيدين: الحديثي والرجالي معاً.
والذي توصّلتُ إليه أنّه لم يثبت توثيق عام لرجال روايات كتاب “المقنع“، بل تصحيح الكتاب برمّته مشكل أيضاً، نعم تحظى رواياته بقرينة وثوقيّة نوعيّة تحتاج لضمّ قرائن أخرى، فلا القاعدة الرجاليّة ثابتة هنا ولا الحديثيّة، وفاقاً لما لعلّه المشهور، والعلم عند الله.
وقد بحثت حول هذا الموضوع في كتابي (منطق النقد السندي 1: 612 ـ 616، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
السبت 30 ـ 7 ـ 2022م