• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
آراء
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
146 الموقف من ختان البنات (خفض الجواري) 2022-01-29 2022-01-29 0 1192

الموقف من ختان البنات (خفض الجواري)

عرض الفكرة ومواقف الفقهاء

المشهور بين فقهاء المسلمين بمذاهبهم استحباب ختان البنات (خفض أو خفاض الجواري)، وبخاصّة بعد سنّ السابعة. وذهب العديد من فقهاء الشافعيّة وغيرهم إلى الوجوب. وما زال ختان البنات جارياً في جملة من بلاد العالم، وبخاصّة القارّة الأفريقيّة.

ونادراً جدّاً ما نجد رأياً مخالفاً في هذه المسألة. ومن الذين خالفوا الشيخُ ناصر مكارم الشيرازي، حيث قال بعدم ثبوت وجوب ختان البنات ولا استحبابه.

خلاصة الرأي الشخصي

والذي توصّلتُ إليه هو أنّ ختان البنات لم يثبت بالعنوان الأوّلي لا وجوبه ولا استحبابه ولا تحريمه ولا كراهته في أصل الشرع، وإنّما يُرجع فيه إلى علوم الطبّ والصحّة الجسديّة والنفسيّة، فما كان فيه مصلحة، فلا بأس به تبعاً لدرجة هذه المصلحة، وإذا كانت فيه مفسدة تمّ تجنّبه تبعاً لدرجة هذه المفسدة. وإذا تغيّرت تأثيراته السلبيّة أو الإيجابيّة تبعاً لتغيّر الشعوب والأعراف والأزمنة والأمكنة لزم اتّباع المتغيّرات وأخذها بعين الاعتبار، بعيداً عن الخضوع لتأثيرات الثقافة الغربيّة التي تريد فرض هيمنتها ولو بالقوّة على العالم، وبعيداً أيضاً عن التشدّد الديني أو العُرفي إذا كان لا يملك أساساً شرعيّاً.

 

لمحة سريعة وعابرة حول الأدلّة والملاحظات

وعمدة أدلّة فقهاء المسلمين هنا مجموعة من الروايات المنقولة عند السنّة والشيعة، ولا يسع المجال لبحث مفصّل فيها، لكن لو راجعناها فسوف نلاحظها على أشكال أربعة:

الشكل الأوّل: الروايات التي ينصح فيها النبيُّ المرأة التي تتولّى الختان أن ترفق وتشمّ، ولا تستأصل، ويعلّل نصيحته هذه المتضمّنة في بعض النصوص لبيان الرخصة، يعلّلها بأنّ ذلك أصبح لوجه المرأة وأحظى عند الزوج.

وهذا النوع من الروايات لا يفيد استحباباً شرعيّاً فقد يكون الختان مباحاً فقط، لكنّ النبيّ يطلب من المرأة التي تقوم بهذا الفعل المعتبر عادةً سائدةً في تلك الأيّام أن تُحسن عملها بحيث لا تُلحق ضرراً ولو مستقبليّاً بالفتاة وحياتها الزوجيّة وصحّتها العامّة، فلا تخفض على طريقة ما يُعرفُ بالختان الفرعوني وما يشبهه.

الشكل الثاني: الروايات التي تتحدّث عن شأنٍ تاريخي، وهو مَن أوّل من ختن النساء؟ وهنا تذكر قصّة سارة زوجة النبيّ إبراهيم التي ختنت هاجر؛ لتخرج بذلك من يمينها؛ لأنّها كانت قد حلفت أن تقطع منها شيئاً وما شابه ذلك.

وهذا النوع من الروايات لا علاقة له ببيان أمرٍ شرعيّ كما هو واضح؛ إذ يكفي أن يكون الختان جائزاً، بل ومستحسناً استحساناً غير آتٍ من جهة الشرع، حتى تُبيّن الروايات منشأ كونه عادةً ساريةً بين العرب وغيرهم.

الشكل الثالث: الروايات التي تعتبر أنّ الختان مكرمة للنساء وسنّة للرجال.

وبصرف النظر عن المراد من كلمة “سنّة للرجال”، وقد كان أبو حنيفة لا يرى وجوب ختان الذكور أيضاً، فإنّ تعبير المكرمة لا يفيد الاستحباب الشرعي برأيي المتواضع؛ وذلك أنّ المكرمة هو ما يكون به الإنسان مكرّماً فهو سبب التكريم، فالبنات تكون لهنّ الكرامة والحسن والاحترام بذلك، ولعلّ المراد به الكرامة عند الزوج كما احتمله الميرزا القمي، فالنبيّ لم يقل بأنّ ختان البنات مستحبّ أو واجب بذاته بالعنوان الأوّلي، بل استخدم كلمة “المكرمة”، بل لم يستخدم تعبيراً دينيّاً له حمولة دينيّة. ومن غير الواضح هنا أنّ نظره إلى بيان حكم شرعي، وهذا ما يظهر بوضوح أكبر عندما نأخذ نظريّة التمييز في أدوار النبيّ ومقاصده ومقاماته (تنوّع شخصيّة الرسول). ولكي أوضح فكرتي أعطي مثالاً: إذا قال لك الفقيه بأنّ اللباس الفلاني ليس سنّة ولا واجباً لكنّه يوجب كرامتك واحترامك، فهذا لا يفيد أنّه في مقام تبيين حكم شرعيّ لهذا اللباس بعنوانه. بل لعلّ النبيّ ناظر إلى أنّ العرف في تلك البلاد كان يعتبر أنّ عدم الختان فيه نقصٌ للمرأة، والأدلّة التاريخية والحديثية تشهد لكون الختان كان متداولاً بين العرب قبل الإسلام، ولم يؤسّسه الإسلام. والمفروض أنّ الختان ـ كما دلّت عليه الروايات ـ ليس هو الاستئصال، بل هو الإشمام وقطع قطعةٍ صغيرة، فالنصّ يريد تبيين أنّ هذه العمليّة تجعل المرأة أكثر احتراماً من حيث العرف وحياتها الزوجيّة، ولا داعي لمزيد توضيح فإنّ المقام لا يسمح بذلك. بل لعلّ وضع المقابلة في الروايات بين كون الختان سنّة في الرجال وليس بسنّة في النساء، وأحياناً بدل نفي كونه سنّة يُستخدم تعبير “المكرمة”، لعلّه ليس لإفادة نفي الوجوب فحسب وإن كان محتملاً، بل لإفادة عدم كونه ذا منشأ ديني، فيؤيّد ما نقول، كما أنّنا إذا فسّرنا “الفرض” بما جاء في الكتاب، وفسّرنا “السنّة” بما جاء من المعصوم، كما هو أحد الآراء في التمييز بين الفرض والسنّة، فإنّ نفي الروايات هنا كون ختان النساء سنّةً، فضلاً عن نفي كونه فرضاً، هو تعبيرٌ آخر عن أنّه ليس له في الشرع حكم، بل هو عادة حسنة بين العرب ولها آثارها في عصرهم وفيهم، وليس كلّ توصيفٍ نبويّ لحُسن شيء معناه ثبوت حكم شرعي باستحباب ذلك الشيء بعنوانه، فغايته ترجيح الختان لكن دون نسبة الاستحباب الشرعي فيه للدين (أرجو التمييز بدقّة؛ فإنّ ما يهمّني هنا هو نسبة حكمٍ أوّلي للشريعة والدين للختان بعنوانه، بوصف ذلك مما أمر النبيّ بتبليغه بما هو شرع إلهي).

وليس في النصوص الدينية الأصليّة ما يفيد أنّ الختان للبنات كان بهدف العفّة أو ضبطهنّ أخلاقيّاً، فهذا ما لا يوجد عليه دليل معتبر، بل غالباً هو تحليلٌ متوارث. نعم، بعضهم يفهمه من حديث النبيّ بأنّ الختان أحظى للزوج فيحلّله من طرف ثانٍ، وهو أنّه مع عدم الختان تكون شهوة المرأة قويّة فوق الحدّ الطبيعي، الأمر الذي يسبّب مشكلةً للزوج، لكنّ الأقرب في دلالة الحديث أن يكون المقصود أنّ الإشمام أفضل للزوج من حيث إنّ النبي يريدها أن لا تستأصل، فيكون نظره لعدم صيرورة المرأة ذات برود جنسي كامل، لا أنّه يخشى من شهوتها وعدم عفّتها.

الشكل الرابع: الروايات العامّة في الختان دون تقييدٍ بالذكر والأنثى، وقد استدلّ بها بعض فقهاء أهل السنّة.

لكنّه استدلالٌ ضعيف وغير مقنع؛ إذ المنصرف فيه هو الذكور، أو لا أقلّ من عدم الوثوق بانعقاد إطلاق، خاصّة مع تعارف إطلاق الخفض في البنات، بل لو صحّ هذا الكلام لدلّت هذه الروايات على الوجوب فتُعارِض ما دلّ على عدم الوجوب في الإناث. وروايةُ «إذا التقى الختانان وجب الغسل» لا تفيد هنا؛ لأنّه يكفي فيها تعارف ختان البنات، حتى لو لم يكن هذا التعارف بنحو الاستحباب أو الوجوب، فالتعارف مصحِّح للإطلاق هنا، ومن الواضح أنّه تعارفٌ سابق على الإسلام.

وعليه، فلم يتمّ شيء من الروايات هنا دلالةً، بل إنّ الأغلبيّة الساحقة من الروايات هنا بأشكالها الثلاثة الأولى ضعيفة السند عند الشيعة والسنّة، والقريب الدلالة منها، وهو نصوص الشكل الثالث، قليل العدد جداً، وأخبار الآحاد الظنيّة ليست حجّة، وأقصى ما تبلغه الروايات الدالّة ـ لو تمّت ـ خبرٌ آحادي. بل يستوحى من كلمات السيد الطباطبائي صاحب الرياض أنّ المستند العمدة هنا لإثبات استحباب ختان النساء هو الإجماع مع قاعدة التسامح، وكأنّه لم تثبت عنده الروايات لولا ذلك، بل الميرزا القمي كان صريحاً في عدم دلالة الأخبار على الاستحباب، بل يميل إلى أنّها دالّة على نفي الاستحباب، فالعمدة عنده الإجماع وجريان قاعدة التسامح في المضمون المجمع عليه، لا جريانها في الروايات نفسها، فانتبه جيّداً.

وادّعاء أنّ قطع شيء من الجسد لا يكون إلا لوجوبه أو استحبابه، بل تجويز النظر هنا دليلُ ذلك، غير صحيح؛ لاحتمال كونه من الضرورات العرفية في ذلك الزمان، وجواز الكشف ولو بعد البلوغ على فرض شيوعه وتحقّقه ربما يكون ناشئاً من ذلك، وإلا فكيف يُعقل استحبابه عبر مقدّمة محرّمة؟!

والاستدلال بالإجماع ضعيفٌ بعد وضوح مدركيّته، بل واحتمال نشوئه من المصالح التي رأوها إذا لاحظنا الإجماع في الوسط السنّي، بل لعلّهم عملوا بذلك من باب قاعدة التسامح، وهي قاعدة لم تثبت.

حيدر حبّ الله

السبت 29 ـ 1 ـ 2022م

comments are closed

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36695070       عدد زيارات اليوم : 18971