تُعدّ قاعدة توثيق مشايخ الرواة الثلاثة الثقات (أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، ومحمّد بن أبي عمير الأزدي، وصفوان بن يحيى)، من أهمّ القواعد التوثيقيّة العامة في علم الرجال الإمامي، وقد أُلّفت فيها كتبٌ مستقلّة، منها ما سطرته يراع الشيخ غلام رضا عرفانيان من كتاب مستقلّ حمل عنوان «مشايخ الثقات»، أحصى فيه كلّ المشايخ الذين روى عنهم الثلاثة، وقد بلغ بعضهم في إحصائه لعدد مشايخ الثلاثة ـ بعد حذف المتكرّر من الأسماء ـ 767 شخصاً، وهذا رقم كبير جداً سيقلب معادلات كبرى في توثيق الرواة وتصحيح الروايات، وهو رقم ربما يفوق ـ عدداً ـ كلّ من وثقهم الطوسي والنجاشي والبرقي والمفيد والكشي بالتوثيقات الخاصّة، الأمر الذي يدلّنا على أهميّة هذا التوثيق.
ليس هذا فحسب، بل إنّ مقتضى القاعدة هنا عندهم أنّ مراسيل هؤلاء الثلاثة حجّة أيضاً، وحيث كثُرت مراسيل ابن أبي عمير، فهذا يعني أيضاً دخول عدد كبير من الروايات في دائرة التصحيح بعد أن كانت مرسلةً، فهذه القاعدة من أكبر قواعد علم الرجال، وكذلك قواعد علم الحديث.
وبهذا يظهر أنّ البحث في مرويّات هؤلاء الثلاثة له جانبٌ رجالي وآخر حديثي، والجانب الرجالي يكمن في توثيق كلّ مشايخ هؤلاء إلا ما خرج بالدليل، أمّا الجانب الحديثي، فهو القول بحجيّة هذه المراسيل وبخاصّة بعد فرض تعارض توثيق عموم مشايخهم بالتوثيق العام مع تضعيف بعضهم بالتضعيف الخاصّ.
والذي توصّلتُ إليه عدم ثبوت القاعدة الرجاليّة القاضيّة بوثاقة جميع مشايخ الثلاثة، وعدم ثبوت القاعدة الحديثيّة القاضية بحجيّة مراسيلهم، بلا فرق بين أنواع هذه المراسيل، وفاقاً لمثل السيد الخوئي وجمع من تلامذته، وخلافاً لآخرين.
وقد توسّعتُ في بحث الجانبين الرجالي والحديثي من هذا الموضوع في كتابَيّ: (منطق النقد السندي 1: 372 ـ 433، الطبعة الأولى، 2017م؛ والحديث الشريف، حدود المرجعيّة ودوائر الاحتجاج 1: 355 ـ 381، الطبعة الأولى، 2017م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
الاثنين 11 ـ 7 ـ 2022م