لو شرب الحيوان محلَّلُ الأكل، كالشاة أو البقرة، الخمرَ أو بعض المسكرات، فهل يصبح بشربه هذا محرّمَ الأكل، بحيث لو ذبحنا هذا الحيوان وتمّت تذكيته، يحرم أكله مع كونه محلّل الأكل بالأصل أو لا؟
ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى القول بالحرمة هنا، لكنّ المنسوب إلى المشهور أنّه حرّم أكلَ ما في جوفه من الأمعاء والقلب والكبد حتى لو تمّ تغسيل هذه الأعضاء بعد الذبح، أمّا اللحم فأشار بعضهم إلى إمكانيّة أكله بعد غسله وجوباً. وذهب فريق آخر إلى القول بالمرجوحيّة. وذهب مثل السيّد الخوئي إلى الحليّة مطلقاً عدا ما لاقته الخمر مع بقاء عينها بعد الذبح، لكنّه احتاط وجوباً في الجوف من القلب والكرش مطلقاً، أعني ولو غُسّل.
والذي توصّلتُ إليه هو أنّه إذا شرب الحيوان من الخمر أو المسكر، سَكِرَ أم لم يسكر، ثم ذبح سكراناً أو غير سكران، لم يحرم أكل لحمه بذلك، ولا يلزم غسل اللحم قبل أكله، وأما ما في جوفه فإن كانت الخمر ما تزال فيه لزم تطهيره (بناء على القول بنجاسة الخمر) أو إزالة الخمر بناء على عدم القول بنجاسة الخمر، وإن لم يمكن التطهير أو الإزالة حرم الأكل؛ لحرمة تناول الخمر، لا لعروض حكمٍ خاص بالحيوان. وإن لم تكن الخمر في الجوف، كما لو ذبح بعد مدّة طويلة من شربه الخمر ـ مثل بضعة أيام أو شهور ـ حلّ أكل ما في جوفه مطلقاً. وكما يحلّ لحمُه يحلّ نَسلُه أيضاً.
وما أسلفناه في حكم الحيوان الذي يشرب الخمر، يجري بعينه في أيّ حيوان يشرب أو يأكل أيّاً من النجاسات، لو قلنا بحرمة تناول النجاسات بما هي كذلك (ولا نقول به)، بعد غضّ النظر عن عنوان الجَلَل. وعليه، فلم تثبت حرمةٌ عارضة بسبب تناول الحيوان الخمر أو أيّ نجاسة أخرى بعنوانه، بعيداً عن عنوان الجلل.
ولمزيد توسّع في هذا الموضوع، راجع كتابي: (فقه الأطعمة والأشربة 2: 247 ـ 253، الطبعة الأولى، 2020م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 13 ـ 7 ـ 2022م