• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
آراء
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
218 الموقف من اشتراط العدالة في المفتي ومرجع التقليد 2022-04-11 2022-04-11 0 947

الموقف من اشتراط العدالة في المفتي ومرجع التقليد

المتعارف بين الفقهاء الذين تعرّضوا لهذه المسألة أنّ من شروط المقلَّد أن يكون عادلاً، بل بعضهم نصّ على لزوم أن يكون في أعلى مراتب العدالة، فلو كان فاسقاً لم يجز تقليده ولا يصحّ الرجوع إليه في أخذ الأحكام الشرعيّة.

وقليلٌ نادرٌ من الفقهاء من يظهر منه ـ في البحث العلمي على الأقلّ ـ عدم الموافقة على هذا الشرط، ومن هؤلاء: السيد تقي القمي.

والذي توصّلتُ إليه ـ والعلم عند الله ـ أنّ الشخص الذي نرجع إليه في أخذ الأحكام الشرعيّة، لا يشترط أن يكون عادلاً، بل الشرط فيه أن يكون مأموناً موثوقاً به في ممارسة الاجتهاد وفي الإخبار عمّا توصّل إليه من فتاوى. وبهذا يظهر عدم صحّة الشرط الذي أضافه بعض الفقهاء المتأخّرين، مثل الشيخ جواد التبريزي، من أنّه لابدّ في المرجع أن لا يكون معروفاً سابقاً بفسقٍ حتى لو كان الآن عادلاً، بحيث يعدّ الرجوع إليه وَهْناً للمذهب بحسب تعبيره، فهذه كلّها عناوين ثانوية، لا علاقة لها بشروط المرجع الأوليّة، وإلا يلزم أن نشترط فيه أيضاً أن لا يكون قبيح المنظر جدّاً على تقدير أنّه يلزم من ذلك وهن المذهب لو رآه الناس!

ودائماً أرجع وأكرّر: إنّ موضوع حديثي هنا هو من يُرجع إليه في أخذ الفتاوى، لا من يملك مقام الولايات القضائيّة أو المالية أو السياسيّة أو مقام الزعامة الدينيّة، وفاقاً في هذا التمييز لجملة من العلماء، كما قلنا سابقاً، منهم: السيد علي السيستاني والسيد تقي القمي، وهو تمييزٌ في غاية الأهميّة لدى دراسة موضوعات من هذا النوع وقع فيها تداخلٌ كبير بين العناوين.

ومن خلال مجمل ما أسلفناه في مجموع الشروط المتعارفة التي يطرحونها للمفتي ومرجع التقليد، يتبيّن أنّ هذه الشروط جميعاً غير مأخوذة بعنوانها في المقلَّد على مقتضى العناوين الأوّليّة، باستثناء شرطين:

أ ـ الخبرويّة بمعنى الفقاهة.

ب ـ الموثوقيّة والمأمونيّة، بمعنى حصول الوثوق به وباجتهاداته وبإخباراته وبسلوكه الأخلاقي حال الاجتهاد والنظر وحال الإفتاء.

أمّا سائر الشروط التي ذكروها، فكلّها ـ كما سبق ـ قد ناقشنا فيها، وقلنا بأنّ المقلَّد أحد أفراد أهل الخبرة، فيجري عليه قانون أهل الخبرة، ولا يشترط في أهل الخبرة شرعاً وعقلائيّاً غير ما ذكرناه. أمّا شرط البلوغ، والعقل، والحريّة، والعدالة، والإسلام، والانتماء المذهبي الخاصّ، وطهارة المولد، والحياة، والأعلميّة، والذكورة، والشجاعة، وعدم قلّة الضبط عن المتعارف، وعدم الانكباب على الدنيا، والخبرويّة في التصدّي للأمور العامّة، وشرط كمال العقيدة مقابل نقصان العقيدة الذي يطرحه بعضٌ، وما شابه ذلك، فكلّه لا دليل على اشتراطه بعنوانه، بل هي شروط تراكمت عبر التاريخ نتيجة مقارباتٍ دمجت بين مقام السلطة والولاية والزعامة، ومقام الفتوى وأخذ العلم ونحو ذلك. فهذه الشروط كلّها إذا أثّر فَقْدُ أحدها أحياناً في تحقّق أحد الشرطين الأساسيّين المتقدّمة الإشارة إليهما، فيلزم أخذها، لا لكونها شروطاً في المفتي، بل لإخلالها الظرفي بالشرطين الأساسيّين، فانتبه فهذه نتيجة في بحث شروط المفتي والمقلَّد تبدو لي في غاية الأهميّة.

وينفتح هنا بابٌ جديد، وهو أنّ هذه هي شروط من يرجع إليه في التقليد، أمّا ما هي شروط الزعامة الدينيّة؟ وما هي شروط وليّ الأمر؟ وما هي شروط القاضي؟ وما هي شبكة العلاقة بين هذه كلّها؟ فهذا ينبغي أن يُبحث مجدّداً، والخلط وقع بدمج بعضٍ في بعض، وعليه فمن الممكن أن يكون من يتولّى الزعامة الدينيّة مشروطاً بشروطٍ بحيث يكون شخصاً غير الذي يرجع الناس إليه في التقليد، تماماً كما هو الحاصل لدى بعض الديانات الأخرى، وبهذا يكون مفهوم المرجعيّة بمعنى الزعامة الدينيّة غيرَ مفهوم المرجعيّة بمعنى من يؤخذ منه الحكم الشرعي الفتوائي.

ورغم إقرار الفقهاء بأنّ مقتضى العمومات والمطلقات اللفظيّة هنا، وكذلك مقتضى البناءات والارتكازات العقلائيّة هو عدم اشتراط العدالة، غير أنّ بعضهم حاول إثبات هذا الشرط:

تارةً من خلال رواية تفسير العسكري المعروفة الآحاديّة الضعيفة الإسناد. أو من خلال روايات تتحدّث في سياقات مختلفة خارجة عن سياق التقليد، ومنها أنّ العالم الذي تحدّث القرآن أنّه يخشى اللهَ يراد منه العادل. وهذه الروايات يظهر أنّها كانت الدليل العمدة لمثل السيد علي السيستاني، وفقاً لما جاء في بحوثه الاستدلاليّة.

ولكن يبدو لي ـ لو تخطّينا موضوع الصحّة السنديّة ـ أنّ استقدام هذه الروايات، بعيداً عن خبر تفسير العسكريّ، غير دقيق؛ فهذه الروايات لا تريد ممارسة حكومة تضييقيّة، بل تريد بيان الصيغة الأنموذجيّة للعالم، ولهذا في الخبر الذي ورد في تفسير الآية المشار إليها جاء تفسير العالم الذي ورد في الآية، وهو الذي يخشى الله، لا مطلق العالم، فهذه النصوص توجيهيّة لبيان ما ينبغي أن يكون عليه أهل العلم، لا تنزيليّة جارية على قانون الحكومة، وإلا لزم ترتيب تمام الآثار عليها بحيث نلتزم بعدم صدق عنوان العالم على غير العادل، فلو نذر المكلّف صرف مبلغ من المال على العلماء لم يدخل غير العدول فيهم، وهكذا.

وأخرى من خلال الإجماع الذي لو أمكن إثباته تاريخيّاً فهو محتمل المدركيّة جدّاً.

وثالثة بالأولويّة في مثل إمام الجماعة. وهو قياس مع الفارق، لوجوه، بل لو قلنا به للزم اشتراط العدالة في الطبيب حيث الأمر في غاية الخطورة، وهو عبارة عن حياة المريض المسلم نفسه! وغير ذلك من الأمثلة.

ورابعة بالأولويّة المأخوذ فيها الارتكاز المتشرّعي؛ إذ لا يرضى المولى سبحانه بأن يكون زعيم المسلمين فاسقاً يرقص في المقاهي والأسواق ويضرب بالطنبور في المجامع، وفقاً لتعبير بعض الفقهاء. وهذا الكلام فيه خلطٌ بين مقامات مختلفة كما صار واضحاً، بل لنا أن نُشكل بالنقض: لا يُعقل أن يرضى الإسلام أن يتطبّب مرجع المسلمين عند طبيبٍ كافر شارب للخمر زانٍ، ويضع نفسه بين يديه؟! فما الفرق بين المقامين؟! وهل المسألة نفسيّة أو مبنيّة على معطيات حقيقيّة؟

وخامسة بأنّ الأخذ من الفاسق هو ركونٌ إلى الظالم. وهذا أيضاً من الاستدلالات التي تخضع لمناقشات عديدة، وقد تحدّثنا بتفصيلٍ عن مفهوم الركون في كتاب (قواعد فقه العلاقة مع الآخر الديني)، وناقشنا هذا النوع من المقاربات الاستدلاليّة التي تكرّرت في العديد من الأبواب الفقهيّة عند جملةٍ من الفقهاء، فراجع. بل لو قلنا بذلك لزم اشتراط العدالة في الطبيب والمهندس وعشرات من أهل الخبرة، فتأمّل جيّداً.

وأمّا دعوى أنّ الاجتهادَ ملكةٌ قُدسيّة، بحيث يعطي هذا التعبير دلالةً خاصّة في المقام، فهو أمرٌ لا دليل عليه، بل هذا التعبير، أعني إقحام كلمة (قدسيّة) في تعريف الاجتهاد، راج بين المتأخّرين، ويخضع لمناقشات في مبرّرات إضافته، ولعلّنا نتحدّث عنه قريباً إذا شاء العليّ القدير.

إلى غير ذلك من الوجوه والأدلّة.

إنّ عدم وجود أيّ نصوص مباشرة هنا تقريباً تفيد شرط العدالة في المفتي، ألجأ الفقهاء إلى مقاربات تحليليّة، لكنّها لا تبدو لي بذهني القاصر مقنعةً عندما نفكّك الأمور ونحلّلها بطريقة مختلفة.

حيدر حبّ الله

الاثنين 11 ـ 4 ـ 2022م

comments are closed

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36692078       عدد زيارات اليوم : 15978