يُفتي بعض الفقهاء بحرمة سكوت المستمع للغيبة ووجوب نصرته للمغتاب، لا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل بوصف ذلك حكماً شرعيّاً مستقلاً وهو نُصرة المغتاب، ويستندون في ذلك لبعض الروايات.
وقد كان غمز السيد تقي القمي في الأخبار هنا بأنّها غير نقيّة السند (مباني منهاج الصالحين 1: 129)، وذهب السيد محمّد محمّد صادق الصدر في بعض كتبه إلى عدم حرمة الاستماع ولو مع عدم الردّ (ما وراء الفقه 3: 123 ـ 125).
والذي توصّلتُ إليه هو:
أ ـ استحباب نصرة المغتاب والدفاع عنه، إذا لم يلزم منه محذورٌ آخر فيه مفسدة أكبر من ترك النصرة، مثل تمادي الذي يستغيب في غيبته بحيث لو دافعنا عن المغتاب لسعى فاعل الغيبة ـ أمامنا وأمام غيرنا ـ لنقل المزيد من الأمور السلبية عن المغتاب كي يؤكّد سلامة كلامه، فنكون قد وقعنا في عكس المطلوب أحياناً.
ب ـ حرمة المشاركة في الغيبة وفي تحقيق وجودها، بمعنى أن يكون شريكاً فاعلاً فيها، ومساهِماً في وجودها وتحقيقها، كأن يُكثر من سؤال فاعل الغيبة عن ذلك الشخص المغتاب، بحيث يجرّه ذلك للغيبة أكثر فأكثر.
ج ـ عدم وجوب الدفاع عن المغتاب بعنوانه، فلو سكت المستمع لم يرتكب بذلك حراماً، وبخاصّة لو لم يكن الخطاب موجّهاً إليه بخصوصه. إلا إذا تعنون سكوتُه بعنوانٍ ثانٍ، كما لو كان فيه تقصير عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لو تحقّقت شروطها.
وعمدة أدلّتهم هنا على إطلاقيّة وجوب الدفاع هي الروايات، وهي ما بين ضعيف الإسناد جداً وضعيف الدلالة أيضاً، فلا يحصل من مجموعها وثوقٌ بأكثر مما قلناه في النقاط الثلاث المتقدّمة.
ولمزيد اطّلاع على عمدة الروايات هنا وبعض مناقشاتها، يمكن مراجعة كتابي (إضاءات 3: 333 ـ 339، الطبعة الأولى، 2014م).
حيدر حبّ الله
الجمعة 1 ـ 4 ـ 2022م