ذكر العديد من فقهاء الإماميّة أنّ من شروط صحّة الصوم الواجب أن لا يكون المكلّف مسافراً سفراً شرعيّاً يوجب قصر الصلاة، أمّا لو سافر سفر معصية أو نوى الإقامة في السفر صحّ صومه في هذه الحال لا في غيرها. لكنّهم استثنوا من المسافر المقصّر في صلاته ثلاث حالاتٍ يمكنه فيها الصيام في السفر، وهي:
أ ـ من عجز من الحجيج عن ذبح الهدي في حجّ التمتّع، ففي هذه الحال يلزمه أن يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة بعد رجوعه إلى بلده.
ب ـ من نذر الصيام في السفر بشكل خاصّ أو نذر الصيام في أيّام معينة نذراً يكون أعمّ من حالة الحضر وحالة السفر.
ج ـ من وجبت عليه ناقة بصفتها كفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب، فهذا عليه صيام ثمانية عشر يوماً حتى ولو كان في حال السفر ما دام غير قادر على تقديم الناقة.
أمّا الصوم المستحبّ فقد ذكروا أيضاً أنّه لا يصحّ من المسافر، لكنّهم استثنوا من يرغب في صيام ثلاثة أيّام في المدينة المنوّرة لقضاء الحاجة، واحتاط بعضهم بكون هذه الأيّام الثلاثة هي خصوص يوم الأربعاء والخميس والجمعة.
والذي توصّلتُ إليه ـ والعلم عند الله ـ هو أنّه إذا بنينا على عدم صحّة الصوم في السفر بما فيه السفر المندوب، فإنّه لا يُستثنى من هذا الحكم غير من عجز من الحجيج عن ذبح الهدي في حجّ التمتّع، فإنّ هذا بإمكانه أن يصوم الثلاثة أيّام في الحجّ ولو كان مقصّراً في الصلاة، أمّا الاستثناءان الآخران، وكذلك استثناء الصيام ثلاثة أيّام في المدينة المنوّرة، فهذا كلّه لم يثبت، بل لو تنزّلنا فإنّ ما يثبت من استثناء بدل البدنة لمن قدّم الإفاضة من عرفات هو صيام الثمانية عشر يوماً في خصوص طريق العودة احتياطاً، لا في مطلق السفر.
والمجال لا يسع لبحث مستندات هذا الموضوع والأدلّة والمناقشات، فنتركه لمجالٍ آخر.
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 5 ـ 9 ـ 2022م