يعدّ تحريم لحم الخنزير من مسلّمات الفقه الإسلامي، ويرى جمهور الفقهاء أنّ الخنزير بجميع أجزائه من لحمٍ وشحم وعظام وغيرها محرّم الأكل، غير أنّ بحثاً ظهر بشكلٍ جزئي في التراث الإسلامي حول اختصاص التحريم بلحم الخنزير دون سائر أجزائه. وقد نُسب لبعض المتكلّمين القول بتحريم خصوص اللحم. ونَسَبَ أبو إسحاق الشاطبي هذا الرأيَ لمن وصفهم بـ “بعض أهل البدع”، كما نَسَبَ ابنُ حزم الأندلسي ذلك إلى أبي غفّار أحد شيوخ المعتزلة، إلى غير ذلك من المنقولات.
والذي توصّلتُ إليه أنّ تحريم لحم الخنزير ثابتٌ وواضح بصريح الكتاب والسنّة. أمّا تحريم شحمه وعظامه وغضاريفه ومحتويات جوفه من المعدة والأمعاء والقلب وغير ذلك، فهو مبنيٌّ على الاحتياط اللزومي الشديد. ولا فرق في الخنزير بين الأهليّ منه والوحشي. والتحريمُ خاصٌّ بالخنزير البرّي دون خنزير البحر.
وقد تعرّضت بتوسّعٍ نسبي لموضوع لحم الخنزير وشحمه وسائر أجزائه، والمنطلقات التي يمكن أن تقف خلف تحريم ما سوى لحمه، ومدى قدرة هذه المنطلقات على الصمود أمام النقد، وذلك في كتابي (فقه الأطعمة والأشربة 1: 139 ـ 151، 390 ـ 411، الطبعة الأولى، 2020م)، فراجع.
حيدر حبّ الله
الاثنين 12 ـ 9 ـ 2022م