توجد مسألتان منفصلتان نسبيّاً عن بعضهما فيما يتعلّق بفقه اللعب بآلات القمار، وقد يختلط على بعض الناس الأمر بينهما، فيظنّهما دوماً مسألةً واحدة، وهما:
1 ـ حكم اللعب بآلة قمار في ظرف اتصافها بأنّها آلة قمار، بمعنى أن تكون هذه الآلة (مثل الورق..) متصفة اليوم بأنّها من آلات القمار، ويريد شخص أن يلعب بها دون أن يقامر. وهذا هو الموضوع الذي تحدّثنا عنه فيما سبق، وقلنا بأنّه شهد زحزحةً في الفترة الأخيرة، وتوصلنا فيه لجواز اللعب بآلات القمار وغيرها عندما لا تكون هناك في هذا اللعب أيّ مقامرة أو رهان.
2 ـ حكم اللعب بآلةٍ ما كانت سابقاً من آلات القمار ولم تعد اليوم من آلات القمار، فهنا هل نعتبرها آلة قمار فيحرم اللعب بها ولو من دون مقامرة على رأي المشهور، أو أنّه بزوال وصف آلة القمار عنها تصبح من الآلات غير القمارية فيجوز اللعب بها بدون رهان على جميع الآراء تقريباً؟ وجوابهم ـ بنحو القاعدة الأوليّة ـ هو أنّ زوال وصف القماريّة يوجب زوال الحكم؛ لتغيّر الموضوع. لكنّ محلّ البحث عندهم صار في تلك الآلات التي تتصف بهذه الصفة مثلاً ولكنّه ورد تحريمها باسمها في النصوص الدينيّة مثل الشطرنج.
هذا هو البحث الذي أحدث فيه بعضُ الفقهاء في العصر الحديث، وعلى رأسهم السيّد الخميني (1409هـ)، تغييراً فتوائيّاً مهمّاً، وقد كان سبقه في التنظير النقدي فيه السيد أحمد الخوانساري (1405هـ)، فاعتبر السيد الخميني أنّ ما يخرج عن كونه آلة قمار يصبح حلالاً ولو ورد تحريمه بالاسم في النصوص مثل الشطرنج، حيث فهم الخميني أنّ تحريم الشطرنج إنّما هو بملاحظة أنّها كانت تاريخيّاً في ذلك الزمان من آلات القمار، وليس تحريماً للشطرنج بذاتها.
وبهذا يمكن أن يكون السيد الخميني ـ وبعض من تابعه من العلماء المعاصرين كالسيّد الخامنئي ـ ممن يعتقدون من جهة بحرمة اللعب بآلات القمار ولو من دون رهان، وفي الوقت عينه يرون جواز اللعب بالشطرنج من دون رهان بعد فرض خروجها عن القماريّة.
والذي توصّلتُ إليه هو أنّه إذا خرجت الآلة عن كونها قماريّةً جاز اللعب بها بلا رهان، حتى لو كان اسمُها مذكوراً في النصوص التحريميّة المرتبطة بهذا الموضوع مثل الشطرنج؛ بل بالجمع بين ما قلناه في اللعب بآلات القمار بلا رهان وما قلناه هنا، يكون الرأي الراجح هو جواز اللعب بلا رهان بمثل الشطرنج اليوم مطلقاً سواء كانت آلة قمار أم خرجت عن كونها كذلك، وإن كان الاحتياط حسناً في النرد والشطرنج ما لم يكن مزاحم أهمّ.
حيدر حبّ الله
الأحد 3 ـ 10 ـ 2021م